الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلقد فرض الله تعالى الحج على من استطاع إلى ذلك سبيلاً، قال تعالى: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ومن كفر فإن الله غني عن العالمين { آل عمران : 97}.
فمن تيسرت له النفقات اللازمة للحج ولم يكن به مانع وتوفرت له شروطه، وجب عليه الحج، ومن لم يكن كذلك فإن الله جل وعلا لا يكلف نفساً إلا وسعها، قال تعالى: لا يكلف الله نفساً إلا وسعها { البقرة :286}.
وإذ كان الحج في البلد الذي أنت فيه لا يتم إلا عن طريق القرعة، فإن القرعة أمر مشروع، وبها يحصل تعيين صاحب الحق فيما عجز عن تعيينه بغيرها، وبها تطيب القلوب وتندفع الشحناء، إذ تستوي فرصة كل من المقترعين في تحصيل المطلوب فيسعد الله بالقرعة من يشاء، فهي أقرب إلى العدل، كما قال ابن القيم ـ رحمه الله: القرعة قد ثبت لها اعتبار في الشرع كما قدمناه وهي أقرب إلى العدل وأطيب للقلوب وأبعد عن تهمة الغرض والميل بالهوى، إذ لولاها لزم أحد الأمرين: إما الترجيح بالميل والغرض، وإما التوقف وتعطيل الانتفاع، وفي كل منهما من الضرر ما لا خفاء به فكانت القرعة من محاسن هذه الشريعة وكمالها وعموم مصالحها. انتهى.
وما ذكرته من تسجيل هؤلاء في القرعة ليضمنوا فوز هذه المرأة ليس من العدل، لأن حقيقته أن يقترع شخص بمائة سهم مثلا وآخر بسهم واحد، فلا يكون هؤلاء المقترعون سواء في فرصة الاستحقاق وعدمه، بل هذا مخالف لمقصود القرعة وما يراد منها من تحقيق العدل.
ومن ثم فالذي نراه المنع من ذلك، وتجويز الجهة المسؤولة تنازل من ثبت له الحق بالقرعة لغيره لا يعني أنه يجوز له أن يقترع بهذا القصد ابتداء، وأما هذه المرأة فإن لم يخرج اسمها في الحجيج بالقرعة فقد أجرت بنيتها، فإذا فعلت ما تقدر عليه فلا شيء عليها، فإن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، وراجع الفتوى رقم: 103489.
والله أعلم.