الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن اعتقد أن الإسلام لا يصلح إلا لتلقي أحكام العبادات دون المعاملات، أو أحكامها دون الجنايات والحدود ونحو ذلك، فقد آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض، وهذا كفر صريح وردة سافرة، وراجع تفصيل ذلك في الفتويين رقم: 5490، ورقم: 2453.
وراجع في مناقضة الليبرالية والعلمانية للإسلام الفتويين رقم: 158261، ورقم: 51488.
وجاء في الموسوعة الفقهية: من الثابت أن الإسلام دين ودولة، لأن القرآن الكريم هو كتاب عقيدة كما هو كتاب أحكام وقواعد تنظم صلة الإنسان بالإنسان، والإنسان بالمجتمع، والمجتمع المسلم بغير المسلم في حالة السلم والحرب، وهو إلى جانب ذلك يحوي كل أنواع الحقوق وفروعها، فالحقوق المدنية إلى جانب الحقوق الجزائية، والاقتصادية والمالية والتجارية والدولية بفرعيها العامة والخاصة، ولم تكن هذه الحقوق مواعظ متروكة لرغبة الإنسان، وإنما هي أحكام آمرة واجبة التنفيذ، وهذا لا يكون إلا بقيام الدولة. اهـ.
وأما مسألة الحكم على من انتسب إلى الليبرالية أو العلمانية بالكفر، فلا بد من التفريق بين الليبرالية والليبراليين، فالليبرالية على حقيقتها فيها مبادئ كفرية، كتنحية الشريعة وإثبات الحاكمية لغير الله، وفيها إبعاد للدين عن حيز التأثير الاجتماعي، ولكن الحكم على من نسب نفسه لليبرالية يحتاج إلى تفصيل في معنى الليبرالية عنده ومراده بها، ومدى احتوائها على مبادئ كفرية من عدمه، ثم يحتاج بعد ذلك إلى إقامة الحجة، وتوفر شروط التكفير وانتفاء موانعه، والذي يعنينا الآن هو التنبيه على خطأ الفكر الليبرالي وأن ما فيه مما يراه الناس حسنا قد توفر في الإسلام ما هو مثله أو أفضل منه، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 154193.
وأما مسألة: من ولد بين أبوين أحدهما أو كلاهما مسلم، ثم لما بلغ اختار الكفر، فقد سبق الجواب على هذه المسألة في الفتوى رقم: 50846.
والله أعلم.