الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فتخصيص أحد البيوت للبنات والشقة للابن هو من الوصية لوارث, وقد سبق أن بينا مرارا أنها ليست وصية ملزمة ولا تنفذ إلا إذا رضي الورثة بإمضائها, جاء في الموسوعة الفقهية: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْوَصِيَّةِ لِوَارِثٍ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْل الأْوَّل: ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ ـ وَهُوَ الأْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَقَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ ـ إِلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ تَنْعَقِدُ صَحِيحَةً مَوْقُوفَةً عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ، فَإِنْ أَجَازُوهَا بَعْدَ وَفَاةِ الْمُوصِي نَفَذَتْ وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوهَا بَطَلَتْ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا أَثَرٌ، وَإِنْ أَجَازَهَا الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ نَفَذَتْ فِي حَقِّ مَنْ أَجَازَهَا، وَبَطَلَتْ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يُجِزْ.
الْقَوْل الثَّانِي: ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي مُقَابِل الأْظْهَرِ وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ بَاطِلَةٌ مُطْلَقًا وَإِنْ أَجَازَهَا سَائِرُ الْوَرَثَةِ، إِلاَّ أَنْ يُعْطُوهُ عَطِيَّةً مُبْتَدَأَةً. اهــ.
فعلى كلا القولين إذا لم يرض الورثة بإمضائها، فإن التركة كلها بما فيها الشقة التي أوصى بها للابن والبيت الذي أوصى به للبنات يقسم بينهم القسمة الشرعية.
وقولك: حدد العقارات التي تباع والأخرى التي لا تباع ـ إن كان المقصود أنه أوصى ببيع بعضها، فإن كان أوصى بمجرد البيع ولم يوص بأن يصرف ثمنها في جهة ما فهذه وصية لا عبرة بها، لأنها حينئذ وصية لا نفع فيها، والعقار يصير ملكا للورثة بمجرد موته فلا عبرة بالوصية، قال ابن قدامة في الكافي: وإذا أوصى ببيع عبده فالوصية باطلة، لأنه لا نفع فيها. اهــ.
وقولك: لم يخصص مصروفا للبيت الذي تسكنه البنات غير المتزوجات ـ جوابه أن البنات العزاب ينفقن على أنفسهن من نصيبهن من التركة ولا يخصم شيء من التركة لأجل النفقة عليهن، بل كل وارث يأخذ حقه الشرعي ويتصرف فيه بما شاء من نفقة وغيرها.
وإذا لم يترك الميت من الورثة إلا ابنه وبناته الست، فإن تركته لهم ـ تعصيبا ـ للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ { النساء: 11}.
فتقسم التركة على ثمانية أسهم: للابن سهمان, ولكل بنت سهم واحد.
والله أعلم.