الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فيجوز تأجيل الصداق -كله أو بعضه- إلى أجل معلوم كسنة أو سنتين، واختلف العلماء في تأجيله إلى أجل مجهول كموت أحد الزوجين أو طلاق الزوج للزوجة أو حصاد الزرع أو نزول المطر ونحو ذلك، فمنعه الجمهور. ففي المدونة لمالك: قلت: أرأيت هذا الذي تزوج على مهر معجل ومنه مؤجل إلى موت أو طلاق فدخل بها أيفسخ هذا النكاح أم يقر إذا دخل بها؟ قال: قال مالك: إذا دخل بها أجزت النكاح وجعلت لها صداق مثلها ولم أنظر إلى الذي سمى من الصداق؛ إلا أن يكون صداق مثلها أقل مما جعل لها فلا ينقص منه شيء. اهـ.
وقال ابن حجر الهيتمي في التحفة: ولو نكح بألف بعضها مؤجل لمجهول فسد ووجب مهر المثل...
وذهب الحنفية إلى جوازه قال ابن نجيم في البحر الرائق: ومن أحكام المهر أنه يصح تأجيله إلى وقت مجهول كالحصاد والدياس، وهو الصحيح.
وأجاز الحنابلة تأجيله بدون تحديد زمن مجهول. قال: ابن قدامة في المغني: وإن أجله ولم يذكر أجله فقال القاضي المهر صحيح ومحله الفرقة فإن أحمد قال: إذا تزوج على العاجل والآجل لا يحل الآجل إلا بموت أو فرقة، وقال أيضاً: فأما إن جعل للآجل مدة مجهولة كقدوم زيد ومجيء المطر ونحوه لم يصح لأنه مجهول، وإنما صح المطلق لأن أجله الفرقة بحكم العادة، وها هنا صرفه عن العادة بذكر الأجل ولم يبينه فبقي مجهولاً فيحتمل أن تبطل التسمية، ويحتمل أن يبطل التأجيل ويحل. انتهى.
والراجح مما سبق أنه يجوز تأجيل المهر -كله أو بعضه- إلى أجل معلوم، ولا يصح تأجيله إلى أجل مجهول مطلق أو محدد بزمن مجهول وفي هذه الحالة للمرأة مهر المثل. وإن سَّمى مهراً ولم يذكر تأجيل فهو معجل كثمن المبيع يحق للمرأة المطالبة به حالاً.
وإذا كان للمهر أجل معلوم وحل الأجل جاز للمرأة المطالبة به، ووجب على الزوج إجابتها إلا أن يكون معسراً فإنها تنظره حتى يوسر، لقوله الله تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَة [البقرة:280].
وأما إذا لم يحل الأجل، فلا يحق للزوجة المطالبة به إلا عند حصول الفرقة بموت أو بطلاق.
والله أعلم.