الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن يعلم أن كون التوراة والإنجيل وغيرهما من الكتب السماوية منزلة من عند الله هذا أمر لا شك فيه، وهذا عندنا من صميم الإيمان، قال تعالى: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ {البقرة:285}، وهذه الآية وأمثالها الدالة على أن تنزيل هذه الكتب من عند الله آيات محكمة غير منسوخة. وفي الوقت نفسه فإننا نؤمن بأن كلا من التوراة والإنجيل قد وقع فيهما تحريف وهذا أمر لا شك فيه. ولمعرفة بعض الأدلة بهذا الخصوص راجع الفتوى رقم: 20706.
وأما أصل النسخ فإنه ثابت في كتاب الله تعالى، وهذا مما لا ريب فيه ولا ننكره، وقد سبق لنا بيان معنى النسخ وأنواعه بالفتوى رقم: 3715 ، وليس النسخ من التحريف في شيء، ففي النسخ كل من الناسخ والمنسوخ من عند الله تعالى، وله سبحانه في تشريعه الحكم البالغة، وسبق بيان جملة منها بالفتوى رقم: 96401. وأما التحريف فإنه من فعل البشر وتبديلهم لكلام الله تعالى، وهو جرم عظيم ومن افتراء الكذب على الله، وقد قال الله سبحانه: قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ {يونس:69}، فهم لن يفلحوا لا في الدنيا ولا في الآخرة بإذن الله.
ونعيد هنا مرة أخرى ذكر الفتوى السابقة وهي بالرقم: 53029 . والمتضمنة لأمثلة على تحريف الأناجيل. وننبه إلى الحذر من محاورة النصارى ونحوهم من أهل الباطل إلا لمن له قدم راسخة في العلم يستطيع بها دفع شبهاتهم، وانظر الفتوى رقم: 78928.
والله أعلم.