الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس كل من ينتمي إلى طائفة أومذهب أوحزب يتبنى أفكارا كفرية، يكون كافرا، لأن تكفير المعين دون إقامة الحجة عليه لا يجوز. فالحكم على إنسان بالكفر أمر من الخطورة بمكان عظيم . وليس كل من تلبس بشيء من مظاهر الكفر يكون بالضرورة كافراً . بل لابد من التفريق بين الحكم على الفعل بأنه كفر، وبين الحكم على الفاعل بأنه كافر، للاختلاف في متعلق كل من الأمرين. فالحكم على الفعل الظاهر بأنه كفر متعلق ببيان الحكم الشرعي مطلقاً. وأما الفاعل فلابد من النظر إلى حاله، لاحتمال طروء عارض من العوارض المانعة من الحكم بكفره من جهل أو إكراه أو غير ذلك. ويتلخص هذا في قيام الحجة على المعين بحيث لا يكون معذوراً بجهل أو تأويل أو إكراه. وإقامة الحجة لا تكون إلا من عالم.
قال ابن تيمية رضي الله عنه: ليس لأحد أن يكفر أحداً من المسلمين وإن أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة وتبين له المحجة، ومن يثبت إسلامه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك. بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة.
وقال أيضا: إن التكفير له شروط وموانع قد تنتفي في حق المعين، وإن تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المعين إلا إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع، يبين هذا أن الإمام أحمد وعامة الأئمة الذين أطلقوا هذه العمومات لم يكفروا أكثر من تكلم بهذا الكلام بعينه. وقال: كان أحمد رحمه الله يكفر الجهمية المنكرين لأسماء الله وصفاته، لأن مناقضة أقوالهم لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهرة بينة…… لكن ما كان يكفر أعيانهم. ويقول: ومن ثبت إسلامه بقين لم يزل ذلك عنه بالشك، بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة.
وأما استفسارك الثاني فقد بينا جوابه في الفتوى رقم 80080
والله أعلم.