الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقاعدة الشرع أن إخفاء الأعمال الصالحة أولى من إظهارها إلا لمصلحة راجحة، وذلك لأن إخفاء العمل أبعد عن الرياء وأنفى للعجب، ومن ثم فالأولى لك ألا تجهر بالقراءة حيث خفت الرياء توفيرا للأجر وطلبا لكمال المثوبة، وأنت إذا جهرت بالقراءة خاليا وحرصت على إخفاء قراءتك إذا خفت الرياء كنت جامعا بين المصلحتين ولم تكن تاركا للعبادة خوف الرياء، بل غاية الأمر أنك تخفي العبادة خوف الرياء وفرق بين ترك العبادة بالكلية وبين إخفائها طلبا للسلامة، وانظر الفتوى رقم: 50368 ، ورقم: 165657 ، وقراءتك القرآن وجهرك به لمجرد نيل عرض من الدنيا كحسن المعاملة أو نيل المنزلة في قلوب الخلق ونحو ذلك مما ينافي الإخلاص، والإخلاص ألا تقصد بعبادتك إلا وجه الله تعالى ونيل مرضاته، فعليك أن تخلص لربك تعالى وألا تبتغي بعملك إلا وجهه سبحانه لا تريد جزاء من الناس ولا شكورا ولا تطلب حظا من حظوظ الدنيا الفانية، وليكن مرادك إذا قرأت بحضرة الناس أو كنت إماما تحسن صوتك في الصلاة أن ينتفع الناس بالقراءة ويحصل لهم من الخشوع ما يستحضرون به معاني الآيات فترق قلوبهم ويقربون بذلك من ربهم تعالى، فتكون أنت سببا في هذا الخير، لا أن تكون نيتك ومقصدك أن يعجبوا بصوتك ويثنوا عليك فإن هذا من الرياء المذموم نسأل الله العافية.
والله أعلم.