الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما ذكرنا في الفتاوى التي أشرت إليها هو مذهب جمهور العلماء ومنهم الأئمة الأربعة، وذهب بعض أهل العلم إلى الجواز.
جاء في المغني: مسألة: قال: ولا يمس المصحف إلا طاهر يعني طاهرا من الحدثين جميعا. روي هذا عن ابن عمر والحسن وعطاء وطاوس والشعبي والقاسم بن محمد وهو قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي، ولا نعلم مخالفا لهم إلا داود فإنه أباح مسه. واحتج بأن «النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب في كتابه آية إلى قيصر.» وأباح الحكم وحماد مسه بظاهر الكف؛ لأن آلة المس باطن اليد، فينصرف النهي إليه دون غيره. ولنا قوله تعالى: {لا يمسه إلا المطهرون} [الواقعة: 79] . وفي «كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمرو بن حزم أن لا يمس القرآن إلا طاهر.» وهو كتاب مشهور، رواه أبو عبيد في فضائل القرآن وغيره، ورواه الأثرم، فأما الآية التي كتب بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنما قصد بها المراسلة، والآية في الرسالة أو كتاب فقه أو نحوه لا تمنع مسه، ولا يصير الكتاب بها مصحفا، ولا تثبت له حرمته. إذا ثبت هذا فإنه لا يجوز له مسه بشيء من جسده؛ لأنه من جسده، فأشبه يده. وقولهم: إن المس إنما يختص بباطن اليد؛ ليس بصحيح؛ فإن كل شيء لاقى شيئا فقد مسه. اهـ
وما ذكرت عن الشيخ المذكور يوافق هذا القول لكنه قول مرجوح، وسبق أن بينا ذلك مع أقوال أهل العلم وأدلتهم في الفتوى: 12540
كما سبق أن بينا اختلاف أهل العلم فيما يعود إليه الضمير في "يمسه" من الآية الكريمة التي أشرت إليها، وهل هو راجع إلى اللوح المحفوظ، أو إلى ما في أيدي الملائكة، أو إلى مصاحفنا؛ كل ذلك قال به بعض أهل التفسير.
كما بينا اختلافهم في كلمة " المطهرون": فقيل: هم الملائكة المطهرون من الشرك والذنوب.. وقيل: هم الآدميون المكلفون المطهرون من الأحداث.. وانظر للفائدة الفتوى: 62726.
والله أعلم.