الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيظهر أن الوسواس قد بلغ منك مبلغا، والذي نرى لك تخلصا من هذه الوساوس أن تأخذ في المياه بقول مالك رحمه الله واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو أن الماء لا ينجس إلا بالتغير سواء ورد على النجاسة أو وردت عليه، وأما على قول الجمهور فإنه لو وضعت الثياب المتنجسة في الغسالة العادية تنجس بذلك الماء لكونه ماء قليلا وردت عليه نجاسة، وأما الغسالة الأوتوماتيكية فإن الغسل فيها يطهر الثياب إذا زالت عين النجاسة، ويكفي مجرد جريان الماء على الموضع المتنجس إذا كانت النجاسة حكمية ولا يحكم بنجاسة ماء الغسالة لأن الماء في هذه الحال هو الوارد على النجاسة، ومن ثم فالثياب المغسولة في الغسالة الأوتوماتيكية التي تقوم بتغيير الماء بحيث يرد الماء على الموضع المتنجس أكثر من مرة تطهر بذلك على فرض كونها متنجسة، كما أن الأصل فيما شك في تنجسه الطهارة فتنبه ولا تسترسل مع الوساوس. وأما غمر الثوب المتنجس في الماء فلا يكفي في تطهيره بل ينجس به الماء على القول بأن الماء القليل ينجس بملاقاة النجاسة، وأما إذا وضع الثوب في الإناء ثم صب عليه الماء كفى ذلك في تطهيره إذا زالت عين النجاسة أو كانت النجاسة حكمية، وأما إذا لم تزل عين النجاسة فلا بد من غسلها حتى تزول. وأما الاكتفاء في طهارة باطن الثوب بوصول الماء إلى حيث وصلت النجاسة فلأنه هو المقدور عليه والله لا يكلف نفسا إلا وسعها، ودين الله يسر لا حرج فيه والحمد لله، وأما الغسل الجيد فهو الذي تذهب به عين النجاسة إن كان لها لون أو ريح أو طعم، وهو غمر النجاسة بالماء وجريانه عليها إن كانت النجاسة حكمية، ولا يشترط العصر على الراجح، وأما شعورك بأن جريان الماء على النجاسة لا يطهرها فهو من جملة الوساوس التي عليك أن تجاهدها ولا تلتفت إليها، وأما الماء المنفصل فهو إن انفصل عن النجاسة قبل تطهيرها والحكم بزوالها فهو نجس وهذا واضح، والقول الثاني الذي هو أرفق بك أن ينظر إلى صفة الماء المنفصل، فإن كان أحد أوصافه متغيرا فهو نجس وإلا فهو طاهر، وانظر الفتوى رقم: 170699 ، وأما لون النجاسة الذي تعسر إزالته فإنه يعفى عنه كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 173045 ، وكل هذا يدلك على أن دين الله يسر وأن التنطع لا يفضي إلا إلى الشر، وأما نجاسة البول فإنه يكفي في تطهيرها جريان الماء على الموضع المتنجس، ولا يشترط العصر ولا الفرك على الراجح، ولا يشترط عدد معين للغسل كذلك على الراجح، ووضع الثياب المتنجسة في حوض وصب الماء عليها يكفي في تطهيرها إذا علم أو غلب على الظن جريان الماء على الموضع المتنجس.
والله أعلم.