الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغسل للإحرام مستحب في قول أكثر أهل العلم، والمراد به الغسل المعروف بمعنى تعميم سائر الجسم بالماء، ففي مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح عند الحديث الذي رواه الترمذي وصححه الألباني عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه: أنه رأى النبي صلى الله عليه و سلم تجرد لإهلاله واغتسل: قال الشوكاني: الحديث يدل على استحباب الغسل عند الإحرام وإلى ذلك ذهب الأكثر، وقال الناصر: إنه واجب، وقال الحسن البصري ومالك: محتمل، قيل: والحكمة في الاغتسال عند الإحرام هي التنظيف، وقطع الرائحة الكريهة ودفع أذاها عن الناس، وقيل الحكمة فيه أنه لإزالة التفث الذي يكون على الإنسان حتى يأتي تفل الحج مفردًا عما كان قبله، فتفل الحاج كخلوف فم الصائم. انتهى.
وليس لهذا الغسل كيفية تخصه عن سائر الأغسال المشروعة، فمن أفاض الماء على جميع بدنه فقد أتى بالغسل المشروع عند الإحرام، والأكمل والأفضل أن يغتسل على الصفة المنقولة عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة الغسل، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 136586.
أما صلاة ركعتين عند الإحرام فليس بشرط في صحته، بل هي من السنن عند أكثر أهل العلم، وينوي عند البدء بهما سنة الإحرام، ولا يستحب أن يقول شيئا، لأن النية محلها القلب وليس اللسان، قال الإمام النووي في المجموع: من السنن ركعتا الإحرام. انتهى.
وقال السيوطي في الأشباه والنظائر، وهو يذكر ما يشترط له التعيين تمييزا له عن غيره: وبقي نوافل أخر منها ركعتا الإحرام والطواف، قال في المهمات: وقد نقل في الكفاية عن الأصحاب اشتراط التعيين فيهما وصرح بركعتي الطواف النووي في تصحيح التنبيه وعدها فيما يجب فيه التعيين بلا خلاف، قلت: وصرح بركعتي الإحرام في المناسك. انتهى.
ومن أهل العلم من يرى أنه ليس للإحرام سنة تخصه، بل المستحب أن يُحرم عقب صلاة فريضة أو نافلةٍ راتبة، وإلا لم تُشرع سنة للإحرام، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 112755.
والله أعلم.