الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النهي الوارد في الحديث المشار إليه عن التسمي بالأسماء المذكورة وما أشبهها ليس للتحريم، وإنما هو للتنزيه، ولذلك نجد كثيرا من السلف الصالح من الصحابة ومن بعدهم يسمون بصالح ويعلى وعليّ، قال النووي في شرح مسلم: وهي كراهة تنزيه لا تحريم، والعلة في الكراهة ما بينه صلى الله عليه وسلم في قوله: فانك تقول: أثم هو؟ فيقول: لا ـ فكره لبشاعة الجواب، وربما أوقع بعض الناس في شيء من الطيرة.. وقد بين صلى الله عليه وسلم العلة في النوعين وما في معناهما وهي التزكية أو خوف التطير، فإذا زالت العلة ولم يقصد بالتسمية تزكية ولم يخش منها طيرة، وإنما كانت للتفاؤل كما قال ابن عمر، فإنه لا مانع من التسمي بها، لأن الْعِلَّةَ تَدُورُ مَعَ الْمَعْلُولِ وُجُودًا وَعَدَمًا ـ كما قال العلماء ـ وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال: أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينهى عن أن يسمى بيعلى وببركة وبأفلح وبيسار وبنافع وبنحو ذلك ثم رأيته سكت بعد عنها فلم يقل شيئا، ثم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينه عن ذلك، ثم أراد عمر أن ينهى عن ذلك ثم تركه.
ولذلك، فإن ملاحظتك واردة وفي محلها، ولكن الأمر قد استقر على عدم النهي عن هذه الأسماء نهي تحريم فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينه عنها نهي تحريم ـ كما رأيت ـ وجاء في تحفة الأحوذي شرح الترمذي للمباركفوري: سكت النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك رحمة على الأمة، لعموم البلوى وإيقاع الحرج لا سيما وأكثر الناس ما يفرقون بين الأسماء من القبح والحسن فالنهي المنفي محمول على التحريم والمثبت على التنزيه.
كما أن التسمية بصالح قد تحمل على التفاؤل دون التزكية، كما ذكرنا في الفتوى رقم: 5444.
والله أعلم.