الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإقامة المسلم في بلاد الكفار خطر على دينه وأخلاقه، كما بيناه في الفتوى رقم: 2007.
وقد ظهر شؤم هذه الإقامة في تهاونك في حدود الشرع بإقامة علاقة محرمة مع تلك المرأة الكافرة حتى وقعت معها في الزنا، وهو من أفحش الذنوب ومن أكبر الكبائر التي تجلب غضب الله، فالواجب عليك أن تبادر بالتوبة النصوح بالإقلاع عن هذا المنكر والندم على فعله والعزم على عدم العود له، وأن تقطع علاقتك بتلك المرأة وغيرها من الأجنبيات وتقف عند حدود الله، واعلم أنه لا يجوز لك أن تتزوج تلك المرأة ما دامت على تلك الحال، فإن نكاح الكتابية لا يجوز إلا أن تكون عفيفة، وراجع شروط نكاح الكتابية في الفتوى رقم: 80265.
كما أن زواج الرجل بمن زنا بها وهي حامل منه، لا يجوز عند جماهير العلماء إلا بعد وضع حملها، وأن الولد لا ينسب إلى الزاني، لكن ذهب بعض العلماء إلى جواز عقد الزاني على الحامل من زناه وأن الولد ينسب إليه ما دامت المرأة ليست فراشا لغيره ولم ينازعه أحد في نسب الولد، قال ابن قدامة: وولد الزنا لا يلحق الزاني في قول الجمهور، وقال الحسن وابن سيرين يلحق الواطئ إذا أقيم عليه الحد ويرثه، وقال إبراهيم يلحقه إذا جلد الحد أو ملك الموطوءة، وقال إسحاق يلحقه، وذكر عن عروة وسليمان بن يسار نحوه، وروى علي بن عاصم عن أبي حنيفة أنه قال: لا أرى بأسا إذا زنا الرجل بالمرأة فحملت منه أن يتزوجها مع حملها ويستر عليها والولد ولد له.
وعلى القول بأن الولد ينسب لك فإنه يتبعك في الدين ولا يتبع أمه، جاء في الموسوعة الفقهية: إذا اختلف دين الوالدين بأن كان أحدهما مسلما والآخر كافرا فإن ولدهما الصغير أو الكبير الذي بلغ مجنونا، يكون مسلما تبعا لخيرهما دينا، هذا مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة.
وأما بخصوص الإجهاض: فاعلم أنه جريمة ومنكر عظيم، فاحذر أن تطلب من المرأة إسقاط جنينها أو أن تعينها على ذلك فإنّ إسقاط الجنين غير جائز إلا لضرورة كما لو كان في بقائه خطر على حياة الأم، وراجع الفتوى رقم: 35536.
والذي ننصحك به أن تجتهد في دعوة هذه المرأة إلى الإسلام عن طريق بعض النساء الصالحات أو المراكز الإسلامية، فإن أسلمت واستقامت تزوجت بها، وإلا فلتتركها ولتتزوج مسلمة عفيفة، واجتهد في تحقيق التوبة والإكثار من الأعمال الصالحة والحسنات المكفرة.
والله أعلم.