الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام لهذا الشجر مالك فينظر فيما أخذت من تلك الشجيرات، فإن كان مما يتسامح فيه عرفا فلا حرج عليك فيما أخذت ولا يلحقك بسببه إثم، فقد ذكر العلماء قاعدة مفادها أن الإذن العرفي يجري مجرى الإذن اللفظي، وممن ذكر هذه القاعدة شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه القواعد النورانية، وتلميذه ابن القيم في كتابه إعلام الموقعين، وهذا هو المتبادر حيث إن الشجيرات غير مسورة وهي بمكان عام دون ما يحفظها من الناس والبهائم مظنة إباحة الانتفاع بها. وقد قال النووي ـ رحمه الله ـ في المجموع: وحكم الثمار الساقطة من الأشجار حكم الثمار التي على الشجر إن كانت الساقطة داخل الجدار وإن كانت خارجة فكذلك إن لم تجر عادتهم بإباحتها، فإن جرت فوجهان أحدهما لا يحل كالداخلة وكما إذا لم تجر عادتهم لاحتمال أن هذا المالك لا يبيح وأصحهما يحل لاطراد العادة المستمرة بذلك وحصول الظن بإباحته كما يحصل تحمل الصبي المميز الهدية ويحل أكلها. اهـ
ومحل الشاهد من كلامه اعتبار العادة في الإذن في مثل ذلك، وإن لم يكن ما أخذته داخل فيما يتسامح فيه عرفا لم يجز لك أخذه وعليك ضمان قيمته لصاحبه، وأما مسألة احتمال كون أصحاب تلك الأشجار ممن يتحايلون على جهات الدعم فلا اعتبار له ولا يؤثر على ملكيتهم لما زرعوه مهما كانت نيتهم فيه والأصل عدم ذلك.
والله أعلم.