الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأنت والحال ما ذكر مستحاضة، والذي فهمناه أنك رأيت الحيض أول ما جاءك تسعة أيام ثم صرت بعد ذلك مستحاضة، فإن كان الأمر كذلك وكنت غير مميزة -كما يظهر من سؤالك- فاعلمي أن من الفقهاء من يرى أن العادة تثبت بمرة ولا يشترط فيها التكرار، وعلى هذا فالواجب عليك أن تجلسي من الشهر تسعة أيام هي مدة حيضك وتغتسلين بعدها وما عداها يكون استحاضة، كما تفعله المستحاضة الذاكرة لعدد أيام الحيض الناسية لوقتها، ويرى أكثر الفقهاء أنك والحال ما ذكر متحيرة، لأنه لا عادة لك ولا تمييز، وذلك لأنه لا بد في العادة من التكرار على مذهبهم، ومن ثم فإنك تجلسين من كل شهر ستة أيام أو سبعة من الأيام التي ترين فيها الدم، وتجلسين هذه الأيام بالتحري، فما يغلب على ظنك أنه أشبه بالحيض تعدينه حيضا، قال في شرح الإقناع: فإن لم يكن دمها ـ أي المبتدأة ـ متميزا ... قعدت من كل شهر غالب الحيض: ستا أو سبعا بالتحري أي باجتهادها ورأيها فيما يغلب على ظنها أنه أقرب إلى عادتها أو عادة نسائها، أو ما يكون أشبه بكونه حيضا. انتهى.
فإن تساوى عندك الزمان كله ولم تستطيعي تحديد أيام الحيض بالتحري فإنك تجلسين هذه الأيام من أول الشهر، قال ابن قدامة: فَإِنْ تَسَاوَى عِنْدَهَا الزَّمَانُ كُلُّهُ، وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهَا شَيْءٌ، تَعَيَّنَ إجْلَاسُهَا مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ، لِعَدَمِ الدَّلِيلِ فِيمَا سِوَاهُ. انتهى.
والخلاصة أنك متى رأيت الدم فاتركي الصلاة ستة أيام أو سبعة كغالب عادة النساء من أهلك ثم اغتسلي ثم تحفظي بشد خرقة أو نحوها على الموضع وتوضئي لكل صلاة بعد دخول وقتها ولك جميع أحكام الطاهرات ما دمت مستحاضة، ولعل القول الأول وهو أنك ترجعين إلى عادتك التي هي تسعة أيام إن كنت متحققة من ذلك أولى، ولا حرج عليك في أن تتزوجي، ويجوز أن يطأك زوجك في المدة المحكوم بكونها استحاضة.
والله أعلم.