الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج في عمل المرأة إذا كان منضبطا بالضوابط الشرعية، كما بينا بالفتوى رقم 8360. ويدخل في هذا عملها في الإعلام، سواء في الدبلجة أو في قراءة الكتب أو التعليق على البرامج، ما دام ذلك خاليا من الخضوع بالقول وغير ذلك من المحاذير الشرعية، فإن صوت المرأة في ذاته ليس بعورة على الراجح، وراجع في ذلك الفتويين: 118478، 59279 وما أحيل عليه فيهما.
وأما محاكاتها لصوت الرجال أو لأصوات الحيوانات، فالظاهر أنه لا يجوز.
قال الشيخ ابن عثيمين في (لقاء الباب المفتوح): لا يجوز للإنسان أن يقوم بدور تمثيل امرأة، هذا حرام؛ لأنه إذا فعل ذلك فقد شابه النساء وقد لعن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء. وكذلك أيضاً لا يجوز أن يمثل دور الحيوان، مثل أن ينبح نباح الكلب أو ينهق نهيق الحمير، أو ما أشبه ذلك، لأن الله تعالى لم يذكر مشابهة الحيوان إلا في مقام الذم، قال الله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا} إلى قوله: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ} [الأعراف:176] وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "العائد في هبته كالكلب يقيئ ثم يعود في قيئه". وقال الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً} [الجمعة:5] ، وقال تعالى: {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} [المدثر:50-51] ، وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "الذي يتكلم يوم الجمعة والإمام يخطب كمثل الحمار يحمل أسفاراً". وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم يديه انبساط الكلب" فتجد أن التشبيه بالحيوان كله في مقام الذم ولا ينبغي للآدمي أن ينزل نفسه منزلة الذم اهـ.
وقال الدكتور خالد المشيقح: تقليد أصوات الحيوانات هذا منهي عنه؛ لأن الله عز وجل لم يذكر التشبيه بالحيوان إلا على وجه الذم، وكذلك أيضاًً في السنة النبوية لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم التشبيه بالحيوان إلا على وجه الذم، فالمسلم منهي عن التشبه بالحيوان ... اهـ.
وقد سبق أن نقلنا فتوى مطولة لشيخ الإسلام ابن تيمية في ذلك، فراجعها في الفتوى رقم: 29512.
هذا مع التنبيه على أن الأصل هو قرار المرأة في بيتها، فإن لم يكن بها حاجة إلى العمل فبيتها خير لها وأبعد عن الفتنة.
والله أعلم.