الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا ليس من الشرك، فإن القرآن كلام الله، وقد شرع التعوذ بكلام الله كما في حديث البخاري: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعوذ الحسن والحسين، يقول: أعيذكما بكلمات الله التامات من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة.
وآية الكرسي هي أعظم آياته كما في صحيح مسلم عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا أبا المنذر: أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال: يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ قال: قلت: الله لا إله إلا هو الحي القيوم، قال: فضرب في صدري، وقال: والله ليهنك العلم أبا المنذر.
وأما كون هذا لم يذكر في القرآن الكريم، فهذا لا ينفي مشروعيته، فهو مثل كثير من الأمور الشرعية الثابتة بالوحي عن طريق السنة، ومنها ما ذكرت من حديث من قال لا إله إلا الله .... وقد شرع الله تعالى الأخذ بالثابت في السنة في غير آية من كتابه فقال سبحانه: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا {الحشر:7}.
وقال سبحانه وتعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ {الأحزاب:36}. وقال سبحانه: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ {النحل:44}. وفي حديث المقدام بن معد يكرب: أَلا إِنِّي أُوتيت الْكتاب وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ شَبْعَانٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ، وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ الله كَمَا حَرَّمَ اللَّهُ، أَلَا لَا يَحِلُّ لَكُمُ لحم الْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ وَلَا كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السَّبع وَلَا لُقَطَةُ مُعَاهَدٍ إِلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا صَاحِبُهَا، وَمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يُقْرُوهُ فَإِنْ لَمْ يَقْرُوهُ فَلَهُ أَنْ يُعْقِبَهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُ. قال الألباني: صحيح.
وأما الرقى: فهي جائزة إن تؤكد من سلامتها من الشرك، فقد روى مسلم من حديث عوف بن مالك الأشجعي قال: كنا نرقي في الجاهلية فقلنا: يا رسول الله كيف ترى في ذلك؟ فقال: اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك.
والله أعلم.