الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت نطقت بعبارة " حرام طلاق " من غير قصد بل سبق لسانك إلى النطق بهما فلا يلزمك شيء، لأن من أركان وقوع الطلاق عند الفقهاء القصد.
قال خليل بن إسحاق المالكي: وركنه -يعني الطلاق- أهل، وقصد، ومحل، ولفظ. قال شارحه عليش: أي إرادة النطق باللفظ الصريح أو الكناية الظاهرة.
وقال صاحب البهجة: قوله: وقصد. أي قصد لفظه لمعناه أي قصد لفظه ومعناه؛ إذ المعتبر قصدهما ليخرج حكاية طلاق الغير، وتصوير الفقيه، والنداء بطالق لمن اسمها طالق. انتهى.
مجموع الفتاوى : لو سبق لسانه بذكر الطلاق من غير عمد القلب لم يقع به.
قال ابن القيم : فإذا اجتمع القصد والدلالة القولية أو الفعلية ترتب الحكم. هذه قاعدة الشريعة، وهي من مقتضيات عدل الله وحكمته ورحمته، فإن خواطر القلوب وإرادة النفوس لا تدخل تحت الاختيار، فلو ترتبت عليها الأحكام لكان في ذلك أعظم حرج ومشقة على الأمة، ورحمة الله تعالى وحكمته تأبى ذلك، والغلط والنسيان والسهو وسبق اللسان بما لا يريده العبد بل يريد خلافه والتكلم به مكرها وغير عارف لمقتضاه من لوازم البشرية لا يكاد ينفك الإنسان من شيء منه؛ فلو رتب عليه الحكم لحرجت الأمة وأصابها غاية التعب والمشقة؛ فرفع عنها المؤاخذة بذلك كله. انتهى.
والله أعلم.