الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما ما تشعرين به من الشوق إلى لقاء الله تعالى فهو دليل ـ إن شاء الله ـ على إيمانك ويقينك بموعود الله، واعلمي أن طول العمر لا يزيدك إلا خيرا ـ إن شاء الله ـ فمن أحب طول العمر ليجتهد في طاعة الله ويتزود للقائه كان ذلك حسنا، وقد رأى كثير من السالكين أن الأولى أن يفوض العبد أمره لله ويرضى باختياره له عالما أن اختياره له خير من اختياره لنفسه، فما قضاه الله وقدره من حياة أو موت علم أن فيه الرحمة والحكمة والمصلحة، قال ابن القيم رحمه الله: وَمَنْ رَضِيَ عَنِ اللَّهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ: فَقَدْ بَلَغَ حَدَّ الرِّضَا، وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي مَسْأَلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ، وَهِيَ: أَهْلُ مَقَامَاتٍ ثَلَاثَةٍ: أَحَدُهُمْ: يُحِبُّ الْمَوْتَ شَوْقًا إِلَى اللَّهِ وَلِقَائِهِ، وَالثَّانِي: يُحِبُّ الْبَقَاءَ لِلْخِدْمَةِ وَالتَّقَرُّبِ، وَقَالَ الثَّالِثُ: لَا أَخْتَارُ، بَلْ أَرْضَى بِمَا يَخْتَارُ لِي مَوْلَايَ، إِنْ شَاءَ أَحْيَانِي، وَإِنْ شَاءَ أَمَاتَنِي، فَتَحَاكَمُوا إِلَى بَعْضِ الْعَارِفِينَ، فَقَالَ: صَاحِبُ الرِّضَا أَفْضَلُهُمْ، لِأَنَّهُ أَقَلُّهُمْ فُضُولًا، وَأَقْرَبُهُمْ إِلَى السلامة. انتهى.
وعلى كل حال، فنوصيك بالاجتهاد في طاعة الله تعالى وأن تبذلي في ذلك وسعك حتى إذا أدركك الموت كان موتك راحة لك من هموم الدنيا وأنكادها، وسلي الله ما كان يسأله النبي صلى الله عليه وسلم أن يحييك ما كانت الحياة خيرا لك وأن يتوفاك إذا كانت الوفاة خيرا لك، وأما ما يتعلق بالرؤى فليس مما نخوض فيه في موقعنا.
والله أعلم.