الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الإجابة عما سألت عنه نريد أولا التنبيه إلى أن فطرك إذا كان لغير عذر فأنت آثمة، وعليك المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى، وإن كان الفطر لعذر شرعي فلا إثم عليك بل يكفيك القضاء.
جاء في فتاوى الشيخ ابن باز : ما حكم المسلم الذي أهمل أداء فريضة الصوم بدون عذر شرعي لعدة سنوات مع التزامه بأداء الفرائض الأخرى. هل يكون عليه قضاء أو كفارة، وكيف يقضي كل هذه الشهور إن كان عليه قضاء؟
حكم من ترك صوم رمضان وهو مكلف من الرجال والنساء أنه قد عصى الله ورسوله وأتى كبيرة من كبائر الذنوب، وعليه التوبة إلى الله من ذلك، وعليه القضاء لكل ما ترك مع إطعام مسكين عن كل يوم إن كان قادرا على الإطعام. وإن كان فقيرا لا يستطيع الإطعام كفاه القضاء والتوبة؛ لأن صوم رمضان فرض عظيم قد كتبه الله على المسلمين المكلفين، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه أحد أركان الإسلام الخمسة. أما إن ترك الصوم من أجل المرض أو السفر فلا حرج عليه في ذلك، والواجب عليه القضاء إذا صح من مرضه أو قدم من سفره؛ لقول الله عز وجل: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} الآية من سورة البقرة. والله ولي التوفيق. انتهى.
كما ننبه إلى أن تأخيرك للقضاء إذا لم يكن عن عذر فإنه تلزمك عند الجمهور فدية عن كل يوم تأخر قضاؤه إلى حلول رمضان الذى بعده، كما سبقت الإشارة إلى ذلك في فتوى الشيخ . وإن كان لك عذر من مرض أو غيره فلا فدية عليك.
جاء في الموسوعة الفقهية: وإذا أخر القضاء حتى دخل رمضان آخر فقد ذهب الجمهور إلى أنه إن كان مفرطا فإن عليه القضاء مع الفدية، وهي إطعام مسكين عن كل يوم؛ لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال في رجل مرض في رمضان فأفطر، ثم صح فلم يصم حتى أدركه رمضان آخر: يصوم الذي أدركه، ثم يصوم الذي أفطر فيه ويطعم عن كل يوم مسكينا. ولما روي عن ابن عمر وابن عباس وأبي هريرة أنهم قالوا: أطعم عن كل يوم مسكينا، ولم يرد خلاف في ذلك عن غيرهم من الصحابة.انتهى.
وهذه الفدية مقدارها 750 غراما من الأرز أو ما يقابل ذلك من غالب طعام أهل البلد وتدفع للفقراء، وراجعي التفصيل في الفتوى رقم : 111559.
وفي خصوص ما سألت عنه فستكون الإجابة في النقاط التالية:
1ـ الواجب عليك إنما هو قضاء عدد أيام رمضان من السنوات التي لم تصومي فيها إن كنت ضابطة لعدد تلك الأيام، فإن لم تكوني ضابطة العدد فواصلي القضاء حتى يغلب على ظنك براءة الذمة، والأولى أن يكون القضاء على الترتيب بحيث تقدمين قضاء صيام 1431 هجرية ثم السنة التي تليها وهكذا، لكن لو بدأت بالسنة الأخيرة مثلا أو لم يحصل ترتيب فالصيام صحيح ويجزئ قضاء مجمل عدد الأيام التي حصل فيها الفطر.
جاء في حاشية الدسوقي المالكي: واعلم أن من عليه قضاء من رمضانين يبدأ بأولهما ويجزئ العكس كذا في المواق. انتهى.
2- يكفي في نية قضاء الصيام أن تعقدي العزم على أنك ستصبحين صائمة ليوم من قضاء رمضان. ويشترط لهذه النية ما يلي:
- أن تكون معينة بحيث تنوين خصوص قضاء رمضان.
جاء في المغني لابن قدامة: ويجب تعيين النية في كل صوم واجب، وهو أن يعتقد أنه يصوم غدا من رمضان، أو من قضائه، أو من كفارته، أو نذره. انتهى.
- إيقاع النية في الليل قبل طلوع الفجر عند الجمهور، ولم يشترط ذلك الحنفية حيث قالوا بصحة الصيام إذا حصلت النية بعد طلوع الفجر.
جاء في الموسوعة الفقهية: التبييت: وهو شرط في صوم الفرض عند المالكية والشافعية والحنابلة. والتبييت: إيقاع النية في الليل، ما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر، فلو قارن الغروب أو الفجر أو شك، لم يصح، كما هو قضية التبييت.
- الجزم بحيث يعزم الصائم على أنه سيصوم غدا مثلا ولا يكون مترددا بحيث ينوي أنه سيصوم إذا لم يجد غداء وإن وجده فسيفطر.
جاء في الموسوعة الفقهية: الجزم، فقد اشترط في نية الصوم؛ قطعا للتردد، حتى لو نوى ليلة الشك صيام غد إن كان من رمضان لم يجزه، ولا يصير صائما لعدم الجزم، فصار كما إذا نوى أنه إن وجد غداء غدا يفطر، وإن لم يجد يصوم. انتهى.
وراجعي الفتوى رقم : 128090
3- من مبطلات النية أن تكون غير جازمة، أو أن تقع بعد طلوع الفجر، أو لم ينو الصائم تعيين قضاء رمضان.
كما تبطل النية أيضا إذا عزم الصائم على الفطر أثناء الصيام لما في ذلك من نقض للنية، وانظري الفتوى رقم : 164821.
والله أعلم.