الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فضل الصحابة -رضي الله عنهم- ثابت بالقرآن والسنة والإجماع ففي القرآن قال تعالى:
لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [الحشر:8] إلى قوله تعالى:
وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ [الحشر:10].
فقد تضمنت هذه الآيات فضل الصحابة والتابعين، وأخرجت شاتمي الصحابة ومبغضيهم من جميع الفرق الذين في قلوبهم غل للذين آمنوا إلى يوم القيامة.
وفي السنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته. رواه
البخاري ومسلم واللفظ
للبخاري. أما الإجماع على فضلهم فقد نقله كثيرون منهم
ابن حجر في فتح الباري
وابن حزم في المحلى،
وابن الصلاح في المقدمة.
قال
ابن حزم :
فإن أفضل الإنس والجن الرسل ثم الأنبياء -على جميعهم من الله تعالى ثم منا أفضل الصلاة والسلام- ثم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم الصالحون، إلى أن قال: وهذا لا خلاف فيه من أحد. انتهى.
وقال
ابن الصلاح :
ثم إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة، ومن لابس الفتن منهم فكذلك، بإجماع العلماء الذين يُعتد بهم في الإجماع، إحساناً للظن بهم، ونظراً إلى ما تمهد لهم من المآثر، وكأن الله سبحانه وتعالى أتاح الإجماع على ذلك لكونهم نقلة الشريعة. انتهى. هذا من حيث الجملة، أما ما ورد في فضائلهم فرادى فأكثر من أن يُحصى، كفضل المهاجرين والأنصار والسابقين بالإسلام وفضل الخلفاء الأربعة وأهل بيعة الرضوان، وفضائل أهل البيت، ومن بشرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة، وغير ذلك مما هو مبثوث في كتب السنة المشهورة ولمعرفة فضائل الصحابة عموماً راجع الجواب رقم:
8017وأما ما ذكرته في السؤال عن
عمر رضي الله عنه من أنه قال:
والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ. فقد رواه
عبد الرزاق في مصنفه
والطبراني في معجمه الكبير
وابن حبان في صحيحه
والطبري في تفسيره، وأصل الحديث في صحيح
البخاري وغيره بدون هذه الزيادة، وقد كان ذلك في صلح الحديبية حينما عارض
عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومعه غيره من الصحابة، الصلح مع المشركين، بعد علمهم برؤيا النبي صلى الله عليه وسلم لفتح مكة في منامه، قال
ابن حجر في الفتح:
في رواية ابن إسحاق : كان الصحابة لا يشكون في الفتح لرؤيا رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأوا الصلح دخلهم من ذلك أمر عظيم. انتهى
فأخذ الصحابة يبحثون ويسألون لا لشك ولكن للوصول إلى الحق، ولذلك قال
ابن حجر -رحمه الله-:
ويستفاد من هذا الفصل جواز البحث في العلم حتى يظهر المعنى، وأن الكلام يُحمل على عمومه وإطلاقه، حتى تظهر إرادة التخصيص والتقييد. انتهى ونقل
ابن حجر عن بعض الشراح قولهم:
ولم يكن ذلك شكاً من عمر، بل طلباً لكشف ما خفي عليه، وحثاً على إذلال الكفار لما عُرف من قوته في نصر الدين. انتهى وقال
النووي في شرح مسلم:
لم يكن سؤال عمر رضي الله عنه وكلامه المذكور شكاً، بل طلباً لكشف ما خفي عليه، وحثاً على إذلال الكفار، وظهور الإسلام، كما عُرف من خلقه -رضي الله عنه- وقوته في نصرة الدين وإذلال المبطلين.انتهى وكلام الإمامين الجليلين الذي ذكرناه واضح في بيان المقصود فلا يحتاج إلى شرح أو تفصيل.
وأما الحديث الآخر، فقد رواه بهذا اللفظ الإمام
أحمد في مسنده، عن
عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه:
أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب الناس فسمعه يقول: ألا وإن أناساً يقولون: ما بال الرجم؟ في كتاب الله الجلد، وقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، ولولا أن يقول قائلون، أو يتكلم متكلمون، أن عمر - رضي الله عنه- زاد في كتاب الله ما ليس منه، لأثبتها كما نزلت. وصححه الشيخ
شعيب الأرناؤوط ورواه
ابن ماجه بغير هذا اللفظ بسند صحيح.
وقوله سيدنا عمر -رضي الله عنه- (لأثبتها كما نزلت) يقصد به، ما رواه
ابن ماجه عن
عمر رضي الله عنه:
وقد قرأتها: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة. فقد كانت هذه الآية تقرأ في أول الأمر، ثم نسخ الله تلاوتها وأبقى حكمها، قال
البيهقي في سننه، بعد ذكر الأحاديث الواردة في ذلك:
في هذا وما قبله دلالة على أن آية الرجم حكمها ثابت وتلاوتها منسوخة، وهذا مما لا أعلم فيه خلافاً. انتهى ووقوع النسخ بهذه الصورة جائز شرعاً وعقلاً، قال الإمام
الغزالي -رحمه الله- في المستصفى:
الآية إذا تضمنت حكماً، يجوز نسخ تلاوتها دون حكمها، ونسخ حكمها دون تلاوتها، ونسخهما جميعاً.انتهى وقال
عبد العزيز البخاري في شرح أصول
البزدوي :
أما نسخ الكتاب فأنواع: نسخ التلاوة والحكم جميعاً، ونسخ التلاوة دون الحكم وعكسه. ولمعرفة المزيد عن النسخ وأنواعه راجع الفتوى رقم:
3715.
والحاصل مما ذكرناه، أن
عمر رضي الله عنه لم يزد شيئاً في القرآن ولم يحصل منه ذلك ولا فكر فيه، لكنه فقط أراد أن يؤكد لهم أن الحكم على الزانيين المحصنيين بالرجم ثابت بكتاب الله عز وجل وإن كان منسوخ التلاوة.
ونحن ننصح الأخ الكريم بعدم مطالعة هذه المواقع التي لا يخرج المسلم منها إلا بتشويش العقيدة، وتلوث الأفكار، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياه لما يحب ويرضى.
والله أعلم.