المرء يمدح بذكائه ووفور عقله

1-7-2012 | إسلام ويب

السؤال:
هل يوجد أثر للذكاء من الكتاب أو السنة؟
ثانيا: هل يجوز الاستدلال بقصة العبادلة الثلاثة على الذكاء أم أنها خرافية؟

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمراد بالذكاء: سرعة الفهم واتقاد الذهن وسعة الإدراك، والفطنة والكياسة في تدبير الأمور، وهذا كله مما يمدح به الإنسان. ولم يكن الأقدمون يتوسعون في استعمال هذا اللفظ، ولكنهم كانوا يستعملون لفظ العقل، الذي هو أعم من الذكاء، وقد صنفوا فيه كتبا، ككتاب (العقل وفضله) لابن أبي الدنيا. وكتاب (ماهية العقل ومعناه واختلاف الناس فيه) للحارث المحاسبي. وكتاب (العقل والهوى) للحكيم الترمذي. والتعقل والتفكر وحسن النظر مما حضت عليه الشريعة، وراجع في ذلك الفتويين: 113672، 121720.

وقال الراغب الأصفهاني في (الذريعة إلى مكارم الشريعة): العقل إذا أشرق في الإنسان يحصل عنه العلم والمعرفة والدراية والحكمة، وقد تقدم ذكرهن، ويحصل عنه أيضًا الذكاء، والذهن، والفهم، والفطنة، وجودة الخاطر، وجودة التوهم، والتخيل، والبديهة، والكيس، والخبر، وإصابة الظن، والفراسة، والزكانة، والكهانة، والعرافة، والإلهام، ودقة النظر، والرأي، والتدبر، وصحة الفكر، وسرعة الذكر، وجودة الحفظ، والبلاغة والفصاحة. فأما الذكاء: فالمضاء في الأمور وسرعة القطع بالحق، وأصله من ذكت النار، وذكت الريح، وشاة مذكاة، مدرك ذبحها بحدة السكين، وذكي الرجل إذا تم فيه قوة الذكاء .. اهـ.
ولابن الجوزي رحمه الله كتاب (الأذكياء) عقد فيه بابا في (بيان معنى الذهن والفهم والذكاء) وذكر فيه من أخبار الأذكياء شيئا كثيرا.

وقد افتتح ابن حبان كتابه (روضة العقلاء) بالحث على لزوم العقل وصفة العاقل اللبيب، وأسند حديث سهل بن سعد مرفوعا: إن الله يحب مكارم الأخلاق ويكره سفسافها. ثم قال: لست أحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم خبرا صحيحا في العقل .. وإن محبة المرء المكارم من الأخلاق وكراهته سفسافها هو نفس العقل، فالعقل به يكون الحظ ويؤنس الغربة وينفي الفاقة ولا مال أفضل منه ولا يتم دين أحد حتى يتم عقله، والعقل اسم يقع على المعرفة بسلوك الصواب والعلم باجتناب الخطأ. اهـ.

وقال الماوردي في (أدب الدنيا والدين): العقل المكتسب هو نهاية المعرفة، وصحة السياسة، وإصابة الفكرة. وليس لهذا حد؛ لأنه ينمو إن استعمل وينقص إن أهمل. ونماؤه يكون بأحد وجهين: إما بكثرة الاستعمال إذا لم يعارضه مانع من هوى ولا صاد من شهوة، كالذي يحصل لذوي الأسنان من الحنكة وصحة الروية بكثرة التجارب وممارسة الأمور ... وأما الوجه الثاني فقد يكون بفرط الذكاء وحسن الفطنة. اهـ.

وأما قصة العبادلة الثلاثة فهي مع شهرتها وانتشارها على الشبكة العنكبوتية، فلا نعلم لها أصلا، وعلامة الصنعة عليها بادية.
والله أعلم.

www.islamweb.net