الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن اكتسب مالاً من حرام فالواجب عليه التوبة، ومن شروط التوبة التخلص من هذا المال الحرام.
والمال الحرام إما أن يكون قد أخذ من صاحبه جبراً عنه وبغير رضى واختيار منه كالمال المسروق والمغصوب، ومن ذلك الفائدة الربوية الزائدة على رأس المال التي تؤخذ من المقترض، فإن الله عز وجل قد سماها ظلماً وإن أخذت برضى المقترض، وإما أن يكون هذا المال قد أخذ منه بإرادته ورضاه أي يكون المعطي والآخذ قد اشتركا في ارتكاب الفعل المحرم.
أما النوع الأول: وهو ما أخذ من صاحبه ظلماً، فالواجب رده إلى صاحبه إن علمه، أو إلى وارثه إن كان قد مات، فإن لم يعلمه تصدق به عنه.
أما النوع الثاني: وهو ما أخذ من صاحبه برضاه ولم يعتبره الشارع ظلماً، فالواجب أن يصرفه في مصالح المسلمين على القول الراجح من أقوال أهل العلم في هذه المسألة، وهو قول الحنفية وقول عند المالكية وأحد القولين عند الحنابلة.
وبقيت مسألتان:
الأولى: إذا لم يعرف قدر الحرام حتى يخرجه كيف يفعل؟
والجواب: ما قاله النووي -رحمه الله- في شرح المهذب : 9/428
قال: (فرع) من ورث مالاً ولم يعلم من أين كسبه مورثه؟ أمن حلال أم من حرام ولم تكن علامة؟ فهو حلال بإجماع العلماء، فإن علم أن فيه حراماً وشك في قدره أخرج قدر الحرام بالاجتهاد. انتهى كلامه رحمه الله.
فالواجب إذاً أن يتحرى ويجتهد بقدر الاستطاعة فما غلب على ظن أنه من الحرام أخرجه.
والمسألة الثانية: الأرباح الناشئة من المال الحرام ما حكمها؟
والجواب: أن في ذلك خلافا طويلا بين أهل العلم، فمنهم من يرى أن الأرباح تابعة للجهد والعمل فتكون ملكاً لهذا العامل الذي استثمرها وهذا مذهب الشافعية والمالكية، ودليلهم على ذلك حديث عائشة رضي الله عنها الذي رواه أبو داود وغيره وسنده حسن، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الخراج بالضمان.
فطالما أنه كان ضامناً لهذا المال فخراجه له.
ولا شك أن من أراد الورع تخلص من الحرام ومتعلقاته.
والله أعلم.