الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله، أما بعد:
فلا شك أن أخا الميت وأخته من جملة الورثة الشرعيين سواء كانوا أشقاء أو من الأب أو من الأم, لكن الأخ من جهة الأم يحجب بالبنت. ومن كان وارثا غير محجوب حجب حرمان فإنه يجب إعطاؤه حقه الشرعي ولا يجوز حرمانه من نصيبه اتكاء على القوانين المخالفة لشرع الله تعالى، والقانون لا يحل حراما ولا يحرم حلالا بل لا يجوز الاحتكام إلى تلك القوانين ابتداء طالما أنها مخالفة للشرع، لأن الاحتكام إليها مع العلم بحالها دليل على نفاق في القلب وضلال والعياذ بالله وقد قال تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا. النساء : 60, 61 , قال الشيخ السعدي في تفسير هذه الآية الكريمة:يعجب تعالى عباده من حالة المنافقين. { الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ } مؤمنون بما جاء به الرسول وبما قبله، ومع هذا { يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ } وهو كل من حكم بغير شرع الله فهو طاغوت والحال أنهم { قد أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ } فكيف يجتمع هذا والإيمان؟ فإن الإيمان يقتضي الانقياد لشرع الله وتحكيمه في كل أمر من الأمور، فمَنْ زعم أنه مؤمن واختار حكم الطاغوت على حكم الله، فهو كاذب في ذلك. وهذا من إضلال الشيطان إياهم، ولهذا قال: { وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا } عن الحق. اهــ .
وإذا لم تعطوا الورثة حقهم فإنكم تأثمون وتكونون ممن أكل أموال الناس بالباطل وقد نهاكم الله عن ذلك في كتابه فقال: { وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } سورة البقرة : 189.
قال القرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة: من أخذ مال غيره لا على وجه إذن الشرع فقد أكله بالباطل، ومِن الأكل بالباطل أن يقضي القاضي لك وأنت تعلم أنك مبطل؛ فالحرام لا يصير حلالاً بقضاء القاضي؛ لأنه إنما يقضي بالظاهر . وهذا إجماع في الأموال .... ورَوى الأئمة عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنكم تختصمون إليّ ولعلّ بعضكم أن يكون أَلْحَنَ بحجّته من بعض فأقضي له على نحوٍ مما أسمع، فمن قطعتُ له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من نار. في رواية: فلْيَحْمِلْها أو يَذَرْهَا . وعلى القول بهذا الحديث جمهور العلماء وأئمة الفقهاء وهو نصٌّ في أن حكم الحاكم على الظاهر لا يُغيّر حكم الباطن، وسواء كان ذلك في الأموال والدّماء والفروج. اهــ .
والحاصل أنه يجب عليكم أن تنظروا في نصيب أعمامكم وعماتكم، فإن كانوا وارثين غير محجوبين فالواجب عليكم إعادة قسمة التركة على ما شرعه الله تعالى، فإن لم تفعلوا فموعدكم بين يدي الله تعالى، وقد قال النبي صلى اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ... , رواه مسلم, وانظري للأهمية الفتوى رقم: 128736.
والله أعلم.