الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد :
فلا شك أن أهل العلم اختلفوا في ميراث الزوجة التي طلقها زوجها في مرضه المخوف:
فذهب الشافعية إلى أنها لا ترث، وذهب الجمهور إلى أنها ترث, جاء في الموسوعة الفقهية: وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا مَرَضَ مَوْتٍ عِنْدَ الطَّلاَقِ، فَكَذَلِكَ (أي: لا ترث) عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي الْجَدِيدِ, وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي الأْصَحِّ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْقَدِيمُ لِلشَّافِعِيَّةِ، إِلَى أَنَّهَا تَرِثُ مِنْهُ؛ مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، وَتَعْتَدُّ بِأَبْعَدِ الأْجَلَيْنِ، وَيُعَدُّ فَارًّا بِهَذَا الطَّلاَقِ مِنْ إِرْثِهَا، وَاسْمُهُ: طَلاَقُ الْفِرَارِ, وَاشْتَرَطُوا لَهُ أَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ طَلَبِهَا، وَلاَ رِضَاهَا بِالْبَيْنُونَةِ، وَأَنْ تَكُونَ أَهْلًا لِلْمِيرَاثِ مِنْ وَقْتِ الطَّلاَقِ إِلَى وَقْتِ الْوَفَاةِ، فَإِنْ كَانَ الطَّلاَقُ بِرِضَاهَا، كَالْمُخَالَعَةِ لَمْ تَرِثْ ... اهــ.
وقد سبق أن أصدرنا فتوى في أنواع المطلقات، ومن ترث منهن ومن لا ترث، وأقوال أهل العلم في ذلك، وهي برقم: 143921.
وليت الأخ السائل ذكر لنا تفصيلًا عن طلاق زوجة أبيه، هل كان بخلع أم بطلب منها أم بغير ذلك؟
والذي يمكننا قوله الآن: إنها إذا كانت مختلعة، أو كان الطلاق بطلب منها، فإنها لا ترث في قول جمهور أهل العلم؛ لتحقق رضاها بإبطال حقها في الميراث، وهو ما نفتي به.
وإن كان الزوج طلقها في مرضه المخوف؛ بقصد حرمانها من الإرث، فإنها ترثه؛ معاملة له بنقيض قصده.
والله أعلم.