الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد :
فمن أفتى بغير علم أو شاكا فيما يعلم فإنه آثم ولو وافق الحق في فتواه, قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
الْمُفْتِي إذَا أَفْتَى بِغَيْرِ عِلْمٍ أَنَّهُ أَثِمَ وَإِنْ أَصَابَ وَكَذَلِكَ الْمُصَلِّي إلَى الْقِبْلَةِ بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ وَكَذَلِكَ الْمُفَسِّرُ لِلْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ ... اهــ .
وقال أيضا : فَمَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ فَقَدْ تَكَلَّفَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ وَسَلَكَ غَيْرَ مَا أُمِرَ بِهِ فَلَوْ أَنَّهُ أَصَابَ الْمَعْنَى فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَكَانَ قَدْ أَخْطَأَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ الْأَمْرُ مِنْ بَابِهِ كَمَنْ حَكَمَ بَيْنَ النَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ وَإِنْ وَافَقَ حُكْمُهُ الصَّوَابَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ... اهــ
ومن فاتته صلاة المغرب حتى دخل وقت العشاء فإنه يصلي المغرب أولا ثم يصلي العشاء لأن الترتيب بين الصلوات مطلوب شرعا ودائر بين الاستحباب أو الوجوب على خلاف بين الفقهاء في ذلك ذكرناه في الفتوى رقم: 136178, جاء في الموسوعة الفقهية :
جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ قَالُوا بِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الصَّلَوَاتِ الْفَائِتَةِ ، وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلاَةِ الْوَقْتِيَّةِ إِذَا اتَّسَعَ الْوَقْتُ . فَمَنْ فَاتَتْهُ صَلاَةٌ أَوْ صَلَوَاتٌ وَهُوَ فِي وَقْتِ أُخْرَى ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَبْدَأَ بِقَضَاءِ الْفَوَائِتِ مُرَتَّبَةً ، ثُمَّ يُؤَدِّيَ الصَّلاَةَ الْوَقْتِيَّةَ ، إِلاَّ إِذَا كَانَ الْوَقْتُ ضَيِّقًا لاَ يَتَّسِعُ لأَِكْثَرَ مِنَ الْحَاضِرَةِ فَيُقَدِّمُهَا ، ثُمَّ يَقْضِي الْفَوَائِتَ عَلَى التَّرْتِيبِ عَلَى أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ يَقُولُونَ بِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ فِي قَضَاءِ يَسِيرِ الْفَوَائِتِ مَعَ صَلاَةٍ حَاضِرَةٍ ، وَإِنْ خَرَجَ وَقْتُهَا . وَقَال الشَّافِعِيَّةُ : لاَ يَجِبُ ذَلِكَ ، بَل يُسَنُّ تَرْتِيبُ الْفَوَائِتِ ، كَأَنْ يَقْضِيَ الصُّبْحَ قَبْل الظُّهْرِ ، وَالظُّهْرَ قَبْل الْعَصْرِ . وَكَذَلِكَ يُسَنُّ تَقْدِيمُ الْفَوَائِتِ عَلَى الْحَاضِرَةِ مُحَاكَاةً لِلأَْدَاءِ ، فَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْحَاضِرَةِ بَدَأَ بِهَا وُجُوبًا لِئَلاَّ تَصِيرَ فَائِتَةً . اهــ
ولا فرق في مشروعية الترتيب بين المقيم والمسافر .
والله أعلم.