الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس بواجب عليكم ابتداء أن تتحروا حقيقة الخلاف بين أبويكم، لكن إذا تدخلتم بينهما فالواجب عليكم أن تتكلموا بعلم وإنصاف ولا يجوز أن تحابوا أحد الوالدين على حساب الآخر، قال تعالى: وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى {الأنعام: 152}.
قال الطاهر ابن عاشور رحمه الله: هَذَا جَامِعٌ كُلَّ الْمُعَامَلَاتِ بَيْنَ النَّاسِ بِوَاسِطَةِ الْكَلَامِ وَهِيَ الشَّهَادَةُ، وَالْقَضَاءُ وَالتَّعْدِيلُ وَالتَّجْرِيحُ، وَالْمُشَاوَرَةُ، وَالصُّلْحُ بَيْنَ النَّاسِ......
ولا يلزمكم طاعة والدكم في قطع الرحم من جهة أمكم ولو كان أهلها قد ظلموا أباكم، بل يجب عليكم صلة رحمكم ولو أساءوا، وانظر الفتوى رقم: 99359.
لكن يجب عليكم حينئذ أن تنصحوهم وتأمروهم بالمعروف وتنهوهم عن المنكر وذلك من صلتهم والإحسان إليهم
وأما غضب أبيكم عليكم، فإن كان بحق فأنتم على خطر عظيم وأما إن كان بغير حق فلا يضركم ـ إن شاء الله ـ قال ابن علان: ودعوة الوالد على والده أي إذا ظلمه ولو بعقوقه.
وقال المناوي: وما ذكر في الوالد محله في والد ساخط على ولده لنحو عقوق.
وانظر الفتوى رقم: 65339.
وعلى كل حال، فالواجب عليكم أن تبروا والديكم وتحسنوا إليهما، ومن برهما أن تنصحوهما برفق وأدب ومن ذلك أن تبينوا لأبيكم أن التجسس على الزوجة أو غيرها محرم لا يجوز إلا لمنع منكر عند ظهور ريبة، وراجع الحالات التي يجوز فيها التجسس في الفتويين رقم: 15454، ورقم: 30115.
وينبغي أن تسعوا في الصلح بين أبويكم وبين أبيكم وأهل أمك، فإن إصلاح ذات البين من أحب الأعمال إلى الله.
والله أعلم.