الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن المعلوم أن المسلمة يجب عليها قضاء صيام الأيام التي تفطرها في رمضان بسبب الحيض بخلاف الصلاة وعليه، فإذا كانت أمك كانت بحالة يمكنها فيها التعلم ثم فرطت في ذلك، فتجب عليها التوبة إلى الله تعالى من التفريط في قضاء الصيام، إذ إن تعلم المسلم ما يجب عليه وما تصح به عبادته أمر واجب شرعا، فإن فرط في ذلك لحقه الإثم، كما يجب عليها قضاء سائر الأيام التي أفطرتها ولم تقم بقضائها ولو كانت تجهل وجوب القضاء، لأن الجهل لا يسقط الواجب، فإن لم تستطع تحديد عدد الأيام التي أفطرتها فعليها أن تقضي ما تحتاط به لبراءة ذمتها من الصوم حتى يغلب على ظنها قضاء الجميع سواء تم تقدير ذلك بسبعة أيام شهريا أم بأقل أم بأكثر حسب العادة، ولا تجب عليها كفارة تأخير القضاء إن كانت جاهلة بحرمة تأخير القضاء ـ كما هو الظاهر ـ قال ابن حجر في تحفة المحتاج: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَوْ أَخَّرَهُ لِنِسْيَانٍ أَوْ جَهْلٍ فَلَا فِدْيَةَ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُمْ، وَمُرَادُهُ الْجَهْلُ بِحُرْمَةِ التَّأْخِيرِ وَإِنْ كَانَ مُخَالِطًا لِلْعُلَمَاءِ لِخَفَاءِ ذَلِكَ. انتهى.
ولا يجزئها الإطعام عن القضاء ما دامت تقدرعلى الصيام أو ترجو الاستطاعة عليه، وإن كان يشق عليها الصوم في زمن فبإمكانها تأخيره إلى زمن الشتاء إن كان صوم الأيام الطويلة يضر بها، ولها تفريق أيام القضاء أيضا، وإذا كان العجز عن القضاء بسبب المرض، فإن كان مما يُرجى برؤه فعليها الانتظار حتى تشفى من مرضها، ثم تقضي، وإن كان المرض مما لا يُرجى برؤه، فالواجبُ عليها إطعامُ مسكين مُداً من طعام عن كل يوم أفطرته، لقوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ {البقرة:184}.
وقد سبق أن أوضحنا هذا المعنى في الفتوى رقم: 123312.
والله أعلم.