الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشركة المذكورة شركة مضاربة ولا حرج فيها.
قال الخرقي من الحنابلة: وإن اشترك بدنان بمال أحدهما، أو بدنان بمال غيرهما، أو بدن ومال، أو مالان وبدن صاحب أحدهما، أو بدنان بماليهما -تساوى المال أو اختلف- فكل ذلك جائز. انتهى.
وأما الصفقة التي أجراها رب المال بعدما ذهب العامل في بدايتها معه لكنه انشغل بأمر آخر يخص الشراكة كما ورد في السؤال. فينبني الحكم فيها على معرفة ما إذا كان تصرف رب المال عن إذن من العامل وطلب منه أم عمل ذلك من تلقاء نفسه، وهل كان عمله للصفقة في بضاعة وعروض بأن كان باعها أم في نقد بحيث اشترى به عروضا؟ وهل رأس مال تلك الصفقة هو كل رأس المال أم بعضه؟ وهل ذلك قبل تصرف العامل فيه أم بعده؟ ونحن هنا نذكر لك على سبيل الفائدة ما ذكره بعض علماء الحنفية حول عمل رب المال مع المضارب ومتى يكون عاملا لنفسه ومتى يكون معينا.
قال ابن نجيم في البحر الرائق: (والحاصل أن كل تصرف صار حقا للمضارب على وجه لا يملك رب المال منعه، فرب المال في ذلك يكون معينا له سواء باشره بأمره أو بغير أمره، وكل تصرف يتمكن رب المال أن يمنع المضارب منه فرب المال في ذلك التصرف عامل لنفسه إلا أن يكون بأمر المضارب فحينئذ يكون معينا له ...)
وقال السرخسي في المبسوط :(ورب المال لو سافر معه ليعينه على العمل في مال المضاربة، لم يستوجب نفقة في مال المضاربة بهذا السبب)
وعلى كل فأنت لم تبين لنا حقيقة ما وقع، وافتراض تلك الاحتمالات المذكورة سابقا مما يعسر، وعليه فلا بد من بيان ما حصل بينكما حتى نستطيع الحكم عليه وبيان كلام أهل العلم فيه. وقد قيل حسن السؤال نصف الجواب.
والله أعلم.