الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته لا يعتبر مبررا شرعيا للتعامل مع البنوك الربوية بما فيه محاربة لله تعالى، ومجرد حسن النية الذي ذكرت غير كاف إذا كان العمل غير صواب ولا موافقا للشرع، لأن الإنسان كما كلف بإصلاح نيته فقد كلف أيضا بإصلاح عمله، ولا تصلح النية الصالحة العمل الفاسد، وقد قال الغزالي في الإحياء: المعاصي لا تتغير إلى طاعات بالنية، فلا ينبغي أن يفهم الجاهل ذلك من عموم قوله: إنما الأعمال بالنيات ـ فيظن أن المعصية تتقلب طاعة. اهـ
وقال أيضا: والنية لا تؤثر في إخراجه عن كونه ظلما وعدوانا، بل قصده الخير بالشر على خلاف مقتضى الشرع شر آخر، فإن عرفه فهو معاند للشرع، وإن جهله فهو عاص بجهله، إذ طلب العلم فريضة على كل مسلم. اهـ.
وبناء عليه، فلا يجوز أن ترضى بمعاملة ربوية مع البنك إلا عند الضرورة، واختلف هل الضرورة التي لا تصل للهلاك مما يبيحه أم لا؟ هذا، وننبه إلى أن من أودع ماله ببنك وأعطاه البنك فائدة فإنه لا يشرع له ترك الفائدة للبنك، بل يسحبها ويصرفها في مصالح المسلمين، ولكنه لا يشرع إرادة ذلك أصلا بأن يستثمر في البنك ليدفع الأرباح المحتملة للفقراء.
والله أعلم.