الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المذي هو الماء الذي يخرج عند ثوران الشهوة، ويجب منه غسل ما أصاب البدن منه والوضوء، لحديث الصحيحين عن علي ـ رضي الله عنه ـ قال: كنت رجلاً مذاءً، وكنت أستحي أن أسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته، فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال: يغسل ذكره ويتوضأ.
ولا خلاف بين العلماء أن المذي الخارج عن طريق الصحة أي بواسطة الشهوة يجب منه الوضوء، فذلك سنة مجمع عليها بين أهل العلم، وإن كان خروجه لسلس بأن كان لغير سبب فاختلف العلماء في وجوب الوضوء منه فذهب جمهور العلماء إلى أنه إن كان نزوله مستمرا غالباً ولكن يتوقف مدة تكفي للوضوء والصلاة وجب انتظار ذلك الوقت الذي يتوقف فيه خروجه لأداء الصلاة فيه، وإذا كان لا يتوقف وقتاً كافياً للطهارة والصلاة فيتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها بعد غسل المحل وتعصيبه ولا يضره ما نزل منه ولو في أثناء الصلاة لحصول المشقة في ذلك، وذهب المالكية إلى أنه لا يجب الوضوء على صاحب السلس، بل يندب عند عدم المشقة، فإن شق سقط فعله وإن كان يجب عندهم على صاحب السلس رفعه والتداوي منه، إذا تقرر هذا فإن عليك أن تتبين أمرك حتى تعلم هل أنت مصاب بسلس المذي فتأخذ بحكمه المبين آنفا أو غير مصاب به فتأخذ بما بين أيضا، أما شكك في وقت نزول المذي هل نزل قبل الصلاة أو أثناءها أوبعدها فلا يضر ذلك صلاتك على كل حال، لأن الأصل في الطارئ أن يضاف إلى أقرب زمنيه فيقدر نزوله بعد الصلاة، قال السيوطي في الأشباه والنظائر: الأصل في كل حادث تقديره بأقرب زمن.
وأما ما ذكرت من قراءة القرآن فجوابه أن الطهارة الصغرى ليست شرطا لقراءة القرآن إذا لم يكن معها مس للمصحف، فهي مستحبة ولا حرج في عدمها، وانظر لكيفية تطهير الثوب من المذي الفتوى رقم: 78316.
الله أعلم.