الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على سعة صدرك مع أهلك وسعيك في إصلاح ذات البين معهم وإن كان الخطأ منهم كما ذكرت، فدومي على صلتهم والإحسان إليهم، ولا سيما الأب والأم فبرهما لا يسقط بإساءتهما ولن يزال معك من الله ظهير عليهم، لما ثبت في صحيح مسلم من: أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تُسِفُّهم الملّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
والملّ: هو الرماد الحار.
ولا تطيعيهم في طلب الطلاق من زوجك دون مسوغ شرعي يبيح طلب الطلاق، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه أصحاب السنن، وقال الترمذي: حديث حسن.
فيحرم عليك ذلك كما يحرم عليهم أن يدعوك إليه، لأن ذلك من التخبيب المحرم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها. أخرجه أحمد وابن حبان.
وقد ذكرت من كرم زوجك ومعاملته لك بالحسنى فعضي عليه بالنواجذ، وحجي معه إلى البيت الحرام، ولا حرج عليك فيما ذكرت مما بينك وبين أهلك، فلم تسيئي إليهم بشيء سوى أنك لم تعص الله تعالى بسؤال الطلاق من زوجك بغير حق ولم تتنازلي عن شقتك لأبيك، ولا يلزمك ذلك، وعلى كل فصلي أبويك وعاملي إخوتك بالحسنى واجتهدي بالدعاء لعل الله يؤلف بين القلوب ويذهب ما في النفوس من الجفاء.
والله أعلم.