الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد عقد ابن القيم في كتابه أحكام أهل الذمة فصلا بين فيه الحكم فيما يتعلق بطلاق الكافر الذي لا يعتقد وقوع الطلاق فقال: فصل في طلاق الكفار الذين لا يعتقدون وقوعه، وأما إن كان الكافر لا يعتقد وقوع الطلاق ولا نفوذه فطلق فهل يصح طلاقه؟ ففيه روايتان منصوصتان عن أحمد أصحهما أنه لا يصح طلاقه، وهذا هو مقتضى أصوله، فإنا نقرهم على ما يعتقدون صحته من العقود، فإذا لم يعتقد نفوذ الطلاق فهو يعتقد بقاء نكاحه فيقر عليه وإن أسلم، وأيضا فإن وجود هذا الطلاق وعدمه في حقه واحد فإنه لم يلتزم حكم الطلاق ولا اعتقد نفوذه فلم يلزمه حكمه، وهذا التفصيل في طلاقه هو فصل الخطاب. اهـ.
وأما بالنسبة للنكاح: فقد عقد فصلا آخر فقال فيه: فصل في ضابط ما يصح من أنكحتهم وما لا يصح إذا ارتفعوا إلى الحاكم في ابتداء العقد لم نزوجهم إلا بشروط نكاح الإسلام، لقوله عز و جل: وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط، وقوله: وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ـ وإن أسلموا وترافعوا إلينا بعد العقد لم ننظر إلى الحال التي وقع العقد عليها ولم نسألهم عنها ونظرنا إلى الحال التي أسلموا أو ترافعوا فيها، فإن كانت المرأة ممن يجوز عقد النكاح عليها الآن أقررناهما، وإن كانت ممن لا يجوز ابتداء نكاحها فرق بينهما.... اهـ.
والله أعلم.