هل معنى حديث: أنت ومالك لأبيك. أن الأولاد ملك لأبيهم

21-10-2012 | إسلام ويب

السؤال:
أنا شاب عمري 18 سنة، أكتب القصة والمقال والشعر، وأدون أفكاري وأعمالي في كشاكيل خاصة، وأمنع أي فرد أن يلعب في كشاكيلي لأنها تمثل عقلي، ولا أحد يملك غير الله أن يعرف ما يدور في عقلي إلا من خلال العلاقات الطبيعة بين البشر بالكلام وغيره من الوسائل العادية، وفي يوم قريب وجدت أبي يقلب أوراقي وكشاكيلي، فاستنكرت عليه هذا وتشاجرنا بالكلام، فقال لي إنني كلي ملكه، وأن هذه الأشياء ملكه ويحق له أن يقرأها دون إذن، فأعقبت بالرد: ولا تجسسوا ـ ودار الخلاف بيننا، فهل يحق لأبي أن يطلع على عقلي، أو أن يتجسس علي بشكل آخر؟ وما هي حدوده التي وضعها الله له بخصوص طاعة أبنائه، فهل يحق له أن يلزمني باختيار كلية معينة طالما يرى أنني ملكه، وقد حاول معي هذا وقت الكلية واستخدم ضغوطه بالتهديدات وعدم الاستمرار في الإنفاق على تعليمي، ويرى أن الدين من أعطاه هذا الحق، فهل يحق له أن يقول لي إنني لست حرا، ومجرد استعمال الكلمة في مواضعها البسيطة يرفضه، لا، أنت لست حراً عندي، هكذا يقولها، فهل يحق له أن يتجسس على أخي؟ وكثيراً ما فعلها، بحجة أنه يريد أن يعرف إن كان على علاقة مع فتاة أم لا، أنا أتركه يقلب هاتفي أمام عيني ولا أعاتبه ولكن أن يقلب رأسي فهذا ما أرفضه، أما أن يقول إنني ملكه، فهذا ما أستنكره، أو أن يقول إن علي السمع والطاعة وبشكل مطلق فلا أعرف أن الله يرضى بهذا، أو أن يقول إنني لديه كالبهائم يجب أن أطيع طاعتها، فما حكم الدين؟ أراه يختار الطريق الأسهل دائماً بدلا من أن يتعلم الكومبيوتر ويقرأ كل ما أنشره مثله مثل غيره قرر أن يدخل العقل مباشرة وبدون أن يطرق الباب، وبدلاً من أن يجلس ويناقش ويتعرف على أفكارى يقرر أخذ أفكاري ويطلع عليها دون أن أعرف أو يراعي الله في ذلك، فما حكم الدين في هذا؟ وهل له الحق في الاطلاع على كتاباتي الخاصة التي لا أنشر منها إلا الكتابات الناضجة المكتملة التي أراها صالحة؟ وهل أنا فعلاً ملكه؟ وهل الدين يقول ذلك؟ وما واجباته علي وواجباتي عليه، كما هو الأمر ببر الوالدين وكلنا نعرفه فهلا أخبرته ببر الأبناء علما بأنه مقصر معي ومع إخوتي، بل ومع أمي اجتماعيا وأسريا وماليا منذ الصغر، ولديه الوقت والمال الذي يمنعه من التقصير، أجبني في كل هذا يرحمك الله، علماً بأنه سوف يقرأ جوابك، وهو الحكم بيننا.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما بالنسبة لحكم اطلاع الأب على كتابات أبنائه ففيه تفصيل سبق بيانه بالفتوى رقم: 46982، فنرجو مراجعتها للأهمية.

واعلم أن على الابن أن يعرف لأبيه قدره ومكانته التي جعلها له الشرع الحكيم، فقد قرن الله تعالى حقه بحقه، وأوجب بره والإحسان إليه، فمن حق أبيك أن تبره وإن قصر في حقك، وأن تحسن إليه وإن أساء إليك، فهو ليس كغيره من القرابات والناس، وانظر الفتويين رقم: 3459، ورقم: 97807.

وللأبناء على الآباء حقوق كما أن للآباء على الأبناء حقوقا، ولمعرفة هذه الحقوق يمكن مطالعة الفتويين رقم: 15008، ورقم: 96071.

ومن حق الآباء على الأبناء الطاعة في المعروف، ولكن هذه الطاعة ليست مطلقة بحيث يتسلط بسببها الأب على أبنائه فيعتدي على حقوقهم، بل جعل لها الشرع قيودا بينها أهل العلم وهي موضحة بالفتوى رقم: 76303.

ولا شك أن الأب سبب في وجود الابن، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد ثبت عنه أنه قال: أنت ومالك لأبيك. رواه أحمد وابن ماجة.

إلا أن هذا لا يعني أن يكون الابن مسلوب الإرادة في نفسه وماله بحيث يتحكم فيه الأب وفي ماله كما يشاء، فلهذا ضوابط بينها العلماء، وتراجع الفتوى رقم: 46692.

وأخيرا ننبه إلى أنه ينبغي أن يسود الأسرة المسلمة الألفة والمودة والاحترام والتقدير، وكلما كبر الأبناء فينبغي أن يكون منهم مزيد الإكرام للوالدين، وأن يكون من الوالدين مزيد حسن التعامل معهم، فهذا أدعى لبرهم بهم والبعد عن عقوقهم.

والله أعلم.

www.islamweb.net