الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن قراءة القرآن العظيم من أفضل الأعمال، وينبغي للمسلم أن يكون له ورد من القرآن الكريم يقرؤه ولا يفرط فيه، وختم القرآن كل سبعة أيام هو فعل الأكثرين من السلف، كما قال النووي: ويدل له قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو: اقرإ القرآن في شهر، فقال: إني أجد قوة حتى قال: فاقرأه في سبع ولا تزد على ذلك، أخرجه البخاري، وأخرج أبو داود عن أوس بن حذيفة قال: سألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يحزبون القرآن؟ قالوا: ثلاث وخمس وسبع، وتسع، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصل وحده، وقال السيوطي: هذا أوسط الأمور وأحسنها، وهو فعل الأكثر من الصحابة.
لكن لم يثبت أن ختم القرآن في سبعة أيام هو ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تجب البداءة في الختمة من الليل، بل الأمر في ذلك واسع سواء بدأ بالليل أم بالنهار، لكن ينبغي أن تكون القراءة بالليل أكثر لمن أطاق، لأن قراءة القرآن بالليل أفضل من قراءته بالنهار، قال النووي: ينبغي أن يكون اعتناؤه بقراءة الليل أكثر، قال تعالى: مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ {آل عمران:113}... وإنما رجحت صلاة الليل وقراءته لكونها أجمع للقلب، وأبعد عن الشاغلات والملهيات والتصرف في الحاجات، وأصون عن الرياء وغيره من المحبطات، مع ما جاء الشرع به من إيجاد الخيرات في الليل، فإن الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم كان ليلا، وحديث ينزل ربكم كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يمضي شطر الليل فيقول: هل من داع فأستجيب له... الحديث، وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: في الليل ساعة يستجيب الله فيها الدعاء كل ليلة.
والله أعلم.