الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في وجوب ستر المرأة وجهها أمام الأجانب ـ عند أمن الفتنة ـ وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 80256.
والذي نراه رجحانه هو وجوب ستر الوجه بحضرة الرجال الأجانب، ولكن إذا تعذر ستره تعذرا حقيقيا غير متوهم وكانت هنالك مصلحة معتبرة شرعا لا تتحقق إلا إذا كشفت عنه، فالذي نراه في هذه الحالة أنه يسعك الأخذ بالقول الذي لا يوجب ستره إذا أمنت الفتنة، لما في ذلك من تحقيق تلك المصلحة، ولأن القول قول معتبر قال به جمع كبير من أهل العلم، وإذا أخذت بهذا القول فخذي به بقدر الحاجة فقط من غير توسع، مع الحرص على أن تتجنبي الزينة في الوجه ومخالطة الأجانب قدر المستطاع، أما مصافحة الرجال الأجانب فلا تجوز، وقد بينا أدلة ذلك في الفتوى رقم: 1025.
واعلمي أن على المسلمة أن تحافظ على حدود الشرع وتعتز بدينها وتستعلي بإيمانها ولا تجامل أحدا كائنا من كان على حساب دينها، فتمسكي بدينك ولا تخجلي من الامتناع من مصافحة الرجال الأجانب وبيني لهم حكم الشرع بأدب ورفق، واستعيني بالله ولا تضعفي وتتهاوني إرضاء للناس أو خوفاً من انتقاداتهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ الْتَمَسَ رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنْ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ. رواه الترمذي.
فإن لم تقدري على المحافظة على حدود الشرع فلا يجوز لك البقاء في هذه البلاد وعليك الرجوع لبلدك المسلم.
والله أعلم.