الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الخبر من البطلان بالمكان البيِّن، فقد روى الطبراني من طريق عبد الملك بن الماجشون قال: سمعت مالكا يقول: قتل عثمان ـ رضي الله عنه ـ فأقام مطروحا على كناسة بني فلان ثلاثا.
قال الدكتور الصلابي في سيرة عثمان بن عفان:الرواية السابقة ضعيف سندها، وباطل متنها، فأما السند ففيه علتان:
أـ ضعف عبد الملك بن الماجشون الذي كان يروي المناكير عن الإمام مالك.
ب ـ أن هذه الرواية مرسلة، حيث إن الإمام مالكا لم يدرك مقتل عثمان ـ رضي الله عنه ـ لأنه لم يولد إلا سنة 93هـ.
وأما متن هذه الرواية فباطل، وفيه يقول ابن حزم: من قال إنه رضي الله عنه أقام مطروحا على مزبلة ثلاثة أيام فكذب بحت، وإفك موضوع، وتوليد من لا حياء في وجهه، ولقد أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برمي أجساد قتلى الكفار من قريش يوم بدر في القليب, وألقى التراب عليهم وهم شر خلق الله تعالى، وأمر عليه السلام أن يحفر أخاديد لقتلى يهود قريظة، وهم شر من وارته الأرض، فمواراة المؤمن والكافر فرض على المسلمين، فكيف يجوز لذي حياء في وجهه أن ينسب إلى علي وهو الإمام, ومن بالمدينة من الصحابة أنهم تركوا رجلا ميتا بين أظهرهم على مزبلة ثلاثة أيام لا يوارونه، إنه لا يدخل في عقل أي إنسان سليم من داء الرفض أنهم يتركون إمامهم ملقى دون دفن ثلاثة أيام مهما كانت قوة أولئك الفجرة الذين جاءوا لحصاره وقتله، فالصحابة كما وصفهم ربهم لا يخافون في الله لومة لائم، وإنما تلك الروايات التي شوهت كتب التاريخ من دس الروافض. اهـ.
وأما نصرة الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ لعثمان فإنها ثابتة، ولكن عثمان ـ رضي الله عنه ـ هو الذي عزم عليهم بشدة، وشدد عليهم في الكف عن القتال دفاعا عنه، مما حال بين رغبتهم الصادقة في الدفاع عنه وبين تحقيقها، كما ذكر الدكتور الصلابي في فصل: دفاع الصحابة عن عثمان ـ رضي الله عنه ـ ورفضه لذلك ـ فراجعه لتقف على تفصيل مواقفهم، وراجع كذلك الفتويين: 13990، 20732.
والله أعلم.