الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن هجر المسلم أخاه المسلم فوق ثلاث، ولفظ الحديث: ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث. متفق عليه. وهذه رواية مسلم.
وعليه؛ فعليك أن تتوب إلى الله تعالى من الهجر زيادة على المسموح به شرعا وهو ثلاث، لأن الغالب أن الحامل على الهجر يزول معها، فلم تجز الزيادة عليها إلا لمصلحة معتبرة شرعا، مثل أن يكون متلبسا بمعصية، وكان في هجره فائدة.
ففي شرح الزرقاني على الموطإ: وَظَاهِرُهُ إِبَاحَةُ ذَلِكَ الثَّلَاثَ، لِأَنَّ الْبَشَرَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ غَضَبٍ وَسُوءِ خُلُقٍ، فَسُومِحَ تِلْكَ الْمُدَّةَ، قَالَهُ عِيَاضٌ; لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَا جُبِلَ عَلَيْهِ الْإِنْسَانُ مِنَ الْغَضَبِ وَسُوءِ الْخُلُقِ يَزُولُ مِنَ الْمُؤْمِنِ أَوْ يَقِلُّ بَعْدَ الثَّلَاثِ.
وفي شرح رياض الصالحين للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى عند شرح الحديث المذكور: ولا يحل لأحد أن يهجر أخاه فوق ثلاث، والهجرمن التقاطع، يعني يلقاه لا يسلم عليه، هذا حرام، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص فيه ثلاثة أيام، لأن الإنسان ربما يكون في نفسه شيء لا يعفو عن أحد، فيجوز أن يهجره رخصة ثلاثة أيام، وبعد الأيام الثلاثة لا يجوز أن يلقاه فلا يسلم عليه إلا إذا كان على معصية، فإذا هجرناه ترك المعصية، فنهجره للمصلحة، كما هجر النبي صلى الله عليه وسلم الثلاثة الذين خلفوا وتخلفوا عن غزوة تبوك، وإلا فالأصل أن الهجر حرام، وأما قول بعض العلماء وهو إطلاقهم أن المجاهر بالمعصية يهجر، فهذا فيه نظر، فصارعندنا الهجر إلى ثلاث جائز، وفوق الثلاث فهو حرام إلا للمصلحة. انتهى.
والله أعلم.