الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فاعلم - أخي السائل - أولا أن من طرق علاج الموسوس في أمور الطهارة والنجاسة عدم ذكر التفريعات الفقهية؛ لأنها قد تزيده وسوسة, ولعل هذا هو السبب في عدم الإجابة عن سؤالك المشار إليه آنفًا, والاكتفاء بإحالتك إلى فتاوى أخرى متعلقة بالموضوع, وقد علمنا بالتجربة أن الاسترسال مع الموسوس وإجابته في كل ما يسأل عنه لا يكاد ينتهي, ولا يزيده إلا وسوسة، ولا سيما إذا كانت الإشكالات التي عنده تخالف ما اتفق عليه العقلاء, وخير مثال على ما نقول هو هذا السؤال فهو السادس في نفس الموضوع, ونحن نكاد نجزم أنه لن يكون الأخير, وذكرت فيه أن اليد رطبة دائمًا, وأن الرطوبة فيها طبيعية, وكل عاقل يدرك أن اليد جافة وليس فيها نداوة طبيعية كما زعمت ولا بلل, والمقصود بالرطوبة عند الفقهاء أن يكون الشيء فيه بلل أو نداوة, فأنت تأتي بسبب الوسوسة بما يخالف العقول ثم تريد عليه تفصيلًا فقهيًا!!
والذي يمكننا قوله لك هو: أن تعرض عن هذه الرطوبة أو البلل الذي تتخيله في اليد, وأن تبني على أنها جافة في الأصل, ولا تنتقل إليها النجاسة الجافة إذا لاقتها.
وأما الصابون: فلو ثبت أن فيه نجاسة من حيوان غير مذكى فإن ذلك لا يمنع من استعماله عند الحاجة؛ لأن مباشرة النجاسة للحاجة جائز عند كثير من الفقهاء, فأولى مباشرة الشيء الطاهر الذي تنجس بشيء يسير, ومن المعلوم أن مستعمل ذلك الصابون سيغسل يده بالماء بعده, قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن التلطخ بلحم الخنزير للتداوي:" وَأَمَّا التَّدَاوِي بِالتَّلَطُّخِ بِهِ ثُمَّ يَغْسِلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى جَوَازِ مُبَاشَرَةِ النَّجَاسَةِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، وَفِيهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْحَاجَةِ, كَمَا يَجُوزُ اسْتِنْجَاءُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ بِيَدِهِ, وَمَا أُبِيحَ لِلْحَاجَةِ جَازَ التَّدَاوِي بِهِ" اهــ .
والله أعلم.