الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يستحب للمسلم من النوافل المطلقة هو ما يستطيع المداومة عليه، ولا يفضي به إلى السآمة والملل ثم الانقطاع، فقليل دائم خير من كثير منقطع؛ لهذا ننصحك بالمواظبة على القدر الذي تستطيع المداومة عليه، مع الاشتغال بالذكر والقراءة حيث تجد الراحة والانشراح, بدلًا من التزام ما لا تستطيع الدوام عليه، فقد ذكر الشاطبي أنه يكره للمسلم أن يلتزم نافلة يعلم أنه يعجز عن المداومة عليها, فقال في الاعتصام: إذا ثبت هذا فالدخول في عمل على نية الالتزام له إن كان في المعتاد, بحيث إذا داوم عليه أورث مللًا ينبغي أن يعتقد أن هذا الالتزام مكروه ابتداء؛ إذ هو مؤد إلى أمور جميعها منهي عنه: أحدها: أن الله ورسوله أهدى في هذا الدين التسهيل والتيسير, وهذا الملتزم يشبه من لم يقبل هديته, وذلك يضاهي ردها على مهديها, وهو غير لائق بالمملوك مع سيده, فكيف يليق بالعبد مع ربه؟ والثاني: خوف التقصير أو العجز عن القيام بما هو أولى وآكد في الشرع، وقال صلى الله عليه وسلم إخبارًا عن داود عليه السلام: إنه كان يصوم يومًا ويفطر يومًا ولا يفر إذا لاقى, تنبيهًا على أنه لم يضعفه الصيام عن لقاء العدو فيفر ويترك الجهاد في مواطن تكيده بسبب ضعفه. انتهى.
والله أعلم.