الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فنقول ابتداء: إنك سألت عن كتابة البيت باسم الزوجة، وأنت لم تذكر في بيانات الوارثات من النساء أن هنالك زوجة للميت، وهذا إشكال, والذي يمكننا قوله هو أنه إن كان له زوجة قد توفي وهي في عصمته، أو في عدة من طلاق رجعي، فقد كان ينبغي لك أن تدخلها في بيانات الورثة من النساء, ويكون لها الربع من الميراث ما دام الميت ليس له فرع وارث, وكتابته للبيت باسمها إن كان على سبيل الهبة تأخذها في حياته حال صحته، فهذا جائز، وعليه أن لا يكون قصده حرمان ورثته من الميراث, وأما إن كان كتبه باسمها على أنه وصية لها تأخذه بعد مماته، أو كتبه لها في مرضه المخوف، فإن هذا يعتبر وصية لوارث، ولا تمضي إلا برضا بقية الورثة؛ وانظر المزيد في الفتوى رقم: 158351 فيمن كتب أخوه أمواله باسم زوجته حتى لا يرثه فما حكمه, وكذا الفتوى رقم: 149843.
ووصيته بربع التركة لليتيم، إن كان هذا اليتيم الموصى له ليس وارثا، فإن الوصية صحيحة؛ لأنها وصية بما لا يزيد على الثلث، ولغير وارث, فتمضي ولو لم يجزها الورثة.
قال ابن قدامة في المغني: وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِغَيْرِ الْوَارِثِ تَلْزَمُ فِي الثُّلُثِ مِنْ غَيْرِ إجَازَةٍ .... فِي قَوْلِ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَعْدٍ حِينَ قَالَ: أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ ؟ قَالَ: لَا, قَالَ: فَبِالثُّلُثَيْنِ ؟ قَالَ: لَا, قَال: فَبِالنِّصْفِ ؟ قَالَ: لَا, قَالَ: فَبِالثُّلُث ؟ قَالَ: الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ. وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : إنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ مَمَاتِكُمْ. اهـ.
وأما إذا كان اليتيم الموصى له وارثا، كأن يكون أحد إخوته الأشقاء، فإن الوصية له لا تمضي إلا برضا الورثة, وإذا لم يترك الميت من الورثة إلا إخوته الأشقاء ومن ذكر معهم، ولم يكن بين الورثة زوجة، فإن تركته كلها لإخوته الأشقاء وأخواته الشقيقات تعصيبا للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى في آية الكلالة: { ... وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ... } النساء : 176 , وإن كانت معهم الزوجة فلها الربع كما قدمنا، ولإخوته الأشقاء وأخواته الشقيقات ما بقي تعصيبا للذكر مثل حظ الأنثيين، ولا شيء لأبناء الشقيق وأبناء العم في الحالين؛ لأنهم جميعا محجوبون بالشقيق حجب حرمان .
وإننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، أو مشافهة أهل العلم بها إذا لم توجد محكمة شرعية ‘ فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله تعالى أعلم