الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أدب المسلم مع نفسه مجاهدتها على فعل الطاعات, واجتناب المعاصي والسيئات، وصيانتها عن كل ما يقودها إلى الهلاك، ومن ذلك إغلاق منافذ الشيطان إليها، بل والحذر من شياطين الإنس والجن، قال تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ {الأنعام:112}، فتساهلك وعدم الحزم في تعاملك مع هذه الفتاة هو الذي جرك إلى الوقوع معها فيما يسخط الله تعالى, وحسن أن تندم على ما فعلت، ولكن اجعل من هذا الندم توبة نصوحًا، وبادر إلى ذلك فورًا، وشروط التوبة مبينة بالفتوى رقم: 5450, ومن تاب تاب الله عليه, فأحسن الظن بربك، وأحسن العمل في مستقبل أيامك، قال تعالى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {طه:82}.
وابتعادك عن هذه الفتاة واجب عليك؛ إذ لا يجوز أن تكون بينك وبينها علاقة، ولا يجوز لك الرد على اتصالاتها؛ لأنها أجنبية عنك، وانظر الفتوى رقم: 30003, ولتجتنب الوقوع في مهاوي الردى مرة أخرى راجع الفتويين: 1208 - 13135.
ولا يلزمك شرعًا خطبتها والزواج منها، ولا تكون ظالمًا لها بذلك, ولكن إذا تابت إلى الله واستقامت فاعتبر بحالها الآن, وتناس ماضيها معك، وأقدم على الزواج منها, خاصة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لم ير للمتحابين مثل النكاح. وإذا لم ترغب في الزواج منها فلك ذلك كما أسلفنا.
وأما رغبتك عن الزواج خشية أن تظلم من تتزوجها, وخوفًا من أن يحدث معها ومع ابنتك ما حدث منك سابقًا مع تلك الفتاة فهو من تسويل الشيطان وتلبيس إبليس, فلا تترك الزواج لأجل هذا، ولا يلزم أن تجازَى في ابنتك وزوجتك بما وقع سابقًا, ونرجو أن تراجع الفتوى رقم: 164967 بتمامها, ثم إن الزواج قد يكون واجبًا أحيانًا بحيث يأثم صاحبه بتركه، وذلك فيما إذا خشي الوقوع في الزنا إن لم يتزوج، وراجع الفتوى رقم: 3011.
والله أعلم.