الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله تعالى قد أمر بالاستماع لتلاوة القرآن، ووعد بالرحمة على ذلك؛ فقال: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {الأعراف: 204}.
ولكن تلاوته أفضل من السماع، لأنه يجتمع في التلاوة تلفظ اللسان مع سماع الأذن.
فقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء: قراءة القرآن واستماعه من وظائف المؤمن في هذه الحياة، وذلك من أفضل العبادات، وجاء التأكيد عليه والترغيب فيه في آيات وأحاديث كثيرة، والاستماع يحصل باستماع شخص حاضر، أو من إذاعة أو من شريط مسجل، وكل ذلك فيه أجر وخير كثير إن شاء الله، وعلى المستمع أن يتدبر وأن يخشع عند سماع القرآن، وأن يعمل بما فيه، فهذا هو المقصود الأعظم من إنزال القرآن العظيم لا مجرد السماع فقط كما هو حال كثير من الناس. والله المستعان. انتهى.
وجاء في فتاوى نور على الدرب للشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: هل سماع القرآن عبر المذياع يومياً يغني عن قراءته وهل أجر القارئ والمستمع سواء؟
فأجاب رحمه الله تعالى: هذا لا يغني عن قراءته، لكن لا شك أن المستمع له أجر، وأنه مشارك للقارئ في أجره، ولهذا إذا مر القارئ بآية سجدة سجد هو والمستمع، ولكن أحيانا يكون الإنسان عنده كسل وتعب فيحب أن يسمع القرآن من غيره. فإذا رأى من نفسه أن سماعه من غيره أشد استحضارا وأقوى تدبرا وأنفع لقلبه ففعله، فلا حرج، وأما أن يتخذ ذلك ديدناً له ويدع القراءة بنفسه، فإن هذا لا ينبغي، ولا يغني عن القراءة بالنفس، وأما أيهما أكثر أجرا؟ فلا شك أن قراءة الإنسان بنفسه أكثر أجرا، لأن فيها عملا واستماعا في نفس الوقت، فالإنسان يحرك مخارج الحروف بالنطق وهذا عمل، ويسمع قراءته ويستمع إليها، وهذا السماع، ولكن قد يعرض للمفضول ما يجعله أفضل بحيث يكون تدبره ووعيه في قراءة غيره أكثر من تدبره إذا قرأ هو بنفسه ولكل مقام مقال، لكن بالنظر إلى العمل من حيث هو عمل فإن القراءة أفضل من السماع. انتهى.
واذا كان المراد بسؤالك أثر سماع القرآن بنية الرقية، فإن الاستماع للرقية بالقرآن لا حرج فيه، ولكن الرقية قد لا يكفي فيها مجرد السماع، فإن الأصل في الرقية أن تكون مباشرة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل والسلف الصالح، وليحصل النفث المطلوب من الراقي على المريض، وإذا لم تمكن المباشرة فلا شك أن لسماع القرآن الكريم والأدعية المأثورة بركة ورحمة... يرجى نفعها للمريض.
وقد ذكر النووي في شرح مسلم أن النفث استحبه الجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
وفي فتاوى اللجنة الدائمة أن مباشرة الراقي رقية المصاب أمر ضروري للحاجة للنفث على المرقي، وأنه لا يغني سماع الشريط،، إلا أن هذا لا يمنع أن تحصل الاستفادة نسبيا من سماع الرقية عن بعد بواسطة التلفاز أو غيره.
والله أعلم.