الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه أولا على أن حقوق الجار عظيمة، وقد بينا حق الجار في الإسلام، ووصية النبي- صلى الله عليه وسلم-به، وحثه على الإحسان إليه، وتحمل أذاه، والكف عن أذيته في الفتويين: 14785، 71781.
وأما عن حكم مطالبة أمك للجيران بالتعويض عما لحقكم من ضرر بسبب تسرب المياه، فلا حرج فيه إن كان ذلك التسرب عن إفراط منهم وتعد. وأما إن كان تسرب الماء دون تعد منهم، فلا ضمان عليهم.
فقد ذكر العلماء أن كل واحد يتصرف في ملكه على العادة كيف شاء، ولا ضمان إن أفضى إلى تلف، إلا أن يتعدى.
جاء في الغرر البهية: ويتصرف كل من الملاك في ملكه بعادة، وإن أدى إلى ضرر جاره، أو إتلاف ماله كمن حفر بئر ماء، أو حش، فاختل به جدار جاره، أو تغير بما في الحش ماء بئره. اهـ.
ومنه يعلم أنه مع التصرف على العادة لا أثر لضرر جدار الغير.
وفي المحيط البرهاني: ومن انتفع بملكه انتفاعاً لا ينتفع بمثله عن ذلك، وإذا تعدى إلى ملك الغير صار ضامناً، كما لو سقى أرض نفسه سقياً غير معتاد. اهـ
ومن هذا يعلم أن حكم مطالبة أمك للجيران بالتعويض عن الضرر ينبني على مدى اعتدائهم من عدمه في تسرب ذلك الماء، مع أن الأولى هو التغاضي عن زلة الجار ما أمكن، وتجاوز هفوته ابتغاء الأجر والثواب من المولى سبحانه.
جاء في التمهيد: وللجار على جاره في أدب السنة أن يصبر من أذاه على ما يقدر، كما عليه أن لا يؤذيه، وأن يحسن إليه. ولقد أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كاد أن يورثه .... انتهى.
والله أعلم.