الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله أن وفقك للتوبة من هذا الذنب العظيم, ونسأل الله أن يقبل توبتك, ويثبتك عليها.
واعلم أن من شروط التوبة: رد الحقوق إلى أهلها, فعليك بالمبادرة إلى رد السلعة إلى صاحبها، إن كانت ما تزال قائمة, وإلا ترد مثلها, فإن تعذر المثل فترد قيمتها, وراجع تفصيل هذه المسألة في الفتوى رقم: 55134.
وتجب المبادرة بالرد قدر الطاقة، ولكن لا يلزم إخبار المسروق منه بحقيقة الأمر، بل يكفي إرجاعه إليه بأي حيلة، كأن تقول له: هذه من شخص اعتدى عليك دون تحديده.
قال الشيخ العثيمين - رحمه الله -: يجب على من عنده مظالم للناس إذا تاب إلى الله أن يرد المظالم إلى أهلها, فلو سرق إنسان من شخص سرقة وتاب إلى الله، فلا بد أن يرد السرقة إلى صاحبها، وإلا لم تصح توبته، ولعل قائلًا يقول: مشكلة إن رددتها إلى صاحبها أفتضح، وربما يقول صاحبها: إن السرقة أكثر من ذلك، فيقال: يستطيع أن يتحيل على هذا بأن يكتب مثلًا كتابًا ولا يذكر اسمه, ويرسله إلى صاحب السرقة مع السرقة, أي: مع المسروق أو قيمته إن تعذر, ويقول في الكتاب: هذه لك من شخص اعتدى فيها, وتاب إلى الله، ومن يتقي الله يجعل له مخرجًا.
أما الأرباح التي حصلتها من تصريف هذه السلعة: فقد اختلف أهل العلم هل يجب ردها مع المسروق، أو يكفي رد رأس المال فقط - وهو مذهب المالكية - فإن احتطت في إرجاعها خروجًا من الخلاف فذلك أبرأ للذمة، لكن لا يلزم عند ردها إخبار أصحابها بطبيعتها - كما ذكرنا في رأس المال -، ورجع الفتوى رقم: 53640 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.