الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبهك أولاً إلى أن حق والديك عليك عظيم مهما كان حالهما، ومهما قصرا في حقك وأهملاك في الصغر، وانظري الفتوى رقم: 115982
فالواجب عليك بر والديك ومصاحبتهما بالمعروف، ولا سيما الأم فإن حقها آكد، ولا يعني ذلك أن تتركيها تفعل ما يضرك في تربية أولادك أو غير ذلك، لكن عليك أن تجتنبي هذا الضرر بحكمة وأدب من غير إساءة أو غلظة، وإذا قمت بواجبك نحو والديك فلا يضرك بعد ذلك عدم رضاهما عنك أو دعاؤهما عليك؛ وانظري الفتوى رقم: 65339
واعلمي أن كل ما يصيب العبد ويجري عليه في الدنيا فهو بقدر من أقدار الله التي كتبها قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، والتي يجريها على عباده بحكمته البالغة ورحمته الواسعة.
وكل ما يصيبك من أذى فأنت مأجورة عليه -بإذن الله- إذا صبرت واحتسبت، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى، ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه.
واعلمي أن الابتلاء ليس دليلاً على غضب الله، بل قد يكون دليلاً على محبة الله للعبد؛ فعن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي.
لكن على أية حال، فإنه إذا نزلت المصائب على العبد، أو شعر بعدم التوفيق في بعض الأمور، فعليه أن يتهمّ نفسه ويراجع حاله مع الله، فإنّه لم ينزل بلاء إلا بذنب ولم يكشف إلا بتوبة.
قال ابن القيم: ومن عقوبات الذنوب أنها تزيل النعم وتحل النقم، فما زالت عن العبد نعمة إلا لسبب ذنب، ولا حلت به نقمة إلا بذنب. الجواب الكافي.
فعليك مراجعة نفسك، وتجديد التوبة من كل الذنوب، والحرص على أداء الفرائض واجتناب المعاصي الظاهرة والباطنة، وأكثري من الذكر والدعاء، فإن الله قريب مجيب.
وللفائدة ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.
والله أعلم.