الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإسلام قد أباح لنا أن نتعامل مع الكفار بيعاً وشراءً، وإجارة وغيرها، بشرط أن لا يكون في أمر محرم، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعامل معهم، وقد توفي صلوات الله وسلامه عليه ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من شعير. كما في البخاري وغيره، والصحابة كذلك في عصره ومن بعده تعاملوا معهم.
وهذا الأصل في جواز التعامل مع الكفار في التجارة يشمل الكافر الحربي أيضا.
قال ابن قدامة: فإذا دخل الحربي دار الإسلام، رسولا أو تاجرا، وقد جرت العادة بدخول تجارهم إلينا، كان أمانا له، ولم يجز التعرض له؛ «لأن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لرسولي مسيلمة: لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتكما» رواه أبو داود والنسائي بمعناه؛ ولأنهم دخلوا يعتقدون الأمان، فأشبه ما لو دخلوا بإشارة المسلم. وإن دخل مسلم دار الحرب رسولا، أو تاجرا وقد جرت العادة بدخول تجارنا إليهم، صار في أمانهم، وصاروا في أمان منه؛ لأن الأمان إذا انعقد من أحد الطرفين، انعقد من الآخر، فلا تحل خيانتهم في أموالهم، ولا معاملتهم بالربا؛ لأن من حرم ماله عليك، ومالك عليه، حرمت معاملته بالربا، كالمسلم في دار الإسلام. انتهى.
فإذا جاز التعامل مع الحربي كالمحتل لبعض بلاد المسلمين، جاز التعامل مع غيره من الموالين له.
ويمكنك لمزيد من الفائدة مراجعة الفتوى رقم: 113173. وإذا رأى المسلمون المصلحة في مقاطعة بعض الكفار شرع لهم ذلك. وانظر الفتوى رقم: 112153 .
والله أعلم.