الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كلمة "السلف" في اللغة بمعنى السابق والمتقدم في الزمن، ويقابلها: "الخَلَف" بمعنى اللاحق والآتي بعدُ.
وأما في اصطلاح العلماء، فإن كلمة "السلف" يُقصد بها: الصحابة رضي الله تعالى عنهم، والتابعون، وتابعوهم؛ أهلُ القرون الثلاثة المفضَّلة، الذين زكَّاهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ أَقْوَامٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ. رواه البخاري ومسلم.
وهؤلاء السلف الصالحون لهم منهج في الاعتقاد والعمل يميزهم عمَّن عداهم، وكلُّ مَن وافقهم وسار على منهجهم ممن جاء بعدهم، فهذا هو السلفي. ويُطلَقُ الخلف على من جاء بعد السلف مطلقا، فإن خالفهم في منهجهم في الاعتقاد والعمل فهو خلف مذموم، كما قال الله تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59}.
ولمزيد بيان انظر الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 5608 / 31293 / 44404.
وأما قول الداعي في دعائه: "اللهم اجعلنا خير خَلَف لخير سلف" فإنه لا يقصد المعنى الاصطلاحي لكلمة "الخلف" بل يقصد المعنى اللغوي الذي يدور حول التأخر في الزمن، وقد قدَّمنا آنِفًا أن المتأخِّر ينال فضيلة المتقدِّم إذا وافقه في الاعتقاد والعمل. فلا يكون الخلفُ مذموما في كل حالة، إلا إذا تنكَّب منهج السلف الصالحين وحاد عنه.
فإذا تقرر هذا، فلا إشكال في أن يسأل الداعي في دعائه أن يكون من خير الخلف.
والله أعلم.