الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فقد سبق أن بينا في الفتوى رقم: 166581 أن من أراد أن ينام قبل وقت الصلاة وعلم أنه لا يستيقظ إلا بعد خروج الوقت وجب عليه عند بعض الفقهاء اتخاذ الأسباب التي تعينه على القيام؛ وعلى هذا فإننا نقول لهذا الممرض: يجب عليك أن تتخذ الأسباب التي تعينك على القيام لصلاة الجمعة, فإن بذلت الأسباب ولم تقم فإنه لا إثم عليك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ, إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ أَنْ تُؤَخِّرَ صَلَاةً حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ أُخْرَى. رواه مسلم, وأبو داود, واللفظ له, ولا فرق فيما ذكرنا بين الممرض والطبيب وغيرهما، ولا بين من يعمل بالليل أو يعمل بالنهار, فكل من نام عن الصلاة, مع عزمه على القيام لها, وبذله الأسباب فإنه لا إثم عليه, جاء في الموسوعة الفقهية:
وَأَمَّا تَأْخِيرُهَا بِعُذْرِ النَّوْمِ، فَالَّذِي يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ، فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ صَلاَةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا أَنَّ النَّوْمَ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ تَأْخِيرُ الصَّلاَةِ عَنْ وَقْتِهَا لاَ يُؤَاخَذُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ، وَلاَ يُعْتَبَرُ مُفَرِّطًا، وَقَدْ نَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ فِي حَدِيثِ التَّعْرِيسِ ... غَيْرَ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَوْ نَامَ تَفُوتُهُ الصَّلاَةُ يُكَلِّفُ أَحَدًا بِإِيقَاظِهِ، وَهُوَ مَا يُفْهَمُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ ... وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ يُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْل الصَّلاَةِ فِي جَمِيعِ الأْوْقَاتِ, وَالظَّاهِرُ عِنْدَهُمْ كَرَاهَةُ النَّوْمِ بَعْدَ دُخُول الْوَقْتِ, أَمَّا قَبْل دُخُولِهِ فَجَائِزٌ عِنْدَهُمْ .اهــ . هذا بالنسبة للنوم قبل دخول الوقت
وأما إذا دخل وقت الجمعة: فإنه يجب عليك تلبية ندائها, والسعي إليها في الأصل, ولكن ذكر بعض الفقهاء أن من الأعذار المبيحة للتخلف عنها غلبة النعاس الشديد, جاء في كشاف القناع فيما يُعذر به في ترك الجمعة والجماعة: أَوْ غَلَبَهُ نُعَاسٌ يَخَافُ مَعَهُ فَوْتَهَا - أَيْ الصَّلَاةِ - فِي الْوَقْتِ, أَوْ يَخَافُ مَعَهُ فَوْتَهَا مَعَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ رَجُلًا صَلَّى مَعَ مُعَاذٍ ثُمَّ انْفَرَدَ فَصَلَّى وَحْدَهُ عِنْدَ تَطْوِيلِ مُعَاذٍ وَخَوْفِ النُّعَاسِ وَالْمَشَقَّةِ, فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَخْبَرَهُ. اهــ
وقال الشيخ ابن عثيمين في شرح الزاد: قوله: «أو غلبة نعاس» هذا نوعٌ تاسعٌ من أعذارِ تَرْكِ الجُمُعةِ والجماعة؛ إذا غلبه النُّعاسُ فإنه يُعذرُ بتَرْكِ الجُمُعةِ والجماعةِ, مثال ذلك: رجل متعبٌ بسبب عَمَلٍ أو سَفَرٍ فأخذه النُّعاسُ فهو بين أمرين: إما أن يذهبَ ويصلِّي مع الجماعةِ، وهو في غَلَبَةِ النُّعاسِ لا يدري ما يقول, وإما أن ينامَ حتى يأخذَ ما يزولُ به النُّعاسُ ثم يُصلِّي براحةٍ, فنقول: افعلْ الثاني؛ لأنك معذورٌ. اهــ . وانظر للفائدة الفتوى رقم: 58014 عن الممرض والتخلف عن الجمعة.
والله تعالى أعلم.