الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الورثة محصورين فيمن ذكر، فللزوجة الربع ـ فرضا ـ لعدم وجود فرع وارث، قال تعالى: وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ {النساء:12}.
وللأم السدس ـ فرضا ـ لوجود جمع من الإخوة، قال تعالى: فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء:11}.
والباقى للإخوة والأخوات ـ تعصيبا ـ للذكر مثل حظ الأنثيين، وتقسم التركة على مائة وثمانين سهما، للزوجة ربعها ـ خمسة وأربعون سهما ـ وللأم السدس ـ ثلاثون سهما ـ ولكل أخ أربعة عشر سهما، ولكل بنت سبعة أسهم، وهذه صورتها:
التركة | 12x15 | 180 |
الزوجة 1 | 3 | 45 |
الأم | 2 | 30 |
الإخوة 5 الأخوات 5 |
14 7 |
70 35 |
ووصايا الميت تخرج من تركته قبل قسمها، لقوله تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ {النساء:11}.
وبخصوص الوصية المذكورة في السؤال: فهي وصية لمعين بمال، وتثبت بشاهد عدل ويمين. وبالتالي، فإن كان ابن أخت الميت عدلا وحلف الموصىّ له على ثبوت ما قاله الميت صحت الوصية، جاء في المبدع شرح المقنع: والقرض والوصية له أي: لمعين، والوقف عليه، وقيل: إن ملكه، وتسمية مهر، ورق مجهول النسب، وجناية الخطأ يقبل فيه شهادة رجل وامرأتين وشاهد ويمين المدعي، قدمه في الكافي والمستوعب والفروع، وجزم به في المحرر والوجيز، لقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين {البقرة: 282} إلى قوله: فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان { البقرة: 282}. انتهى.
وفى التاج والإكليل للمواق المالكي: وقال ابن عرفة: ما متعلقه مال أو آيل إليه تتم فيه الشهادة برجل وامرأتين، ابن الحاجب: ومن ذلك الوكالة بالمال أو الوصية به على المشهور أو أحدهما بيمين. انتهى.
ويجوز للموصى َله ـ من زوجة وأخ وأخوات ـ الحلف على صحة الوصية اعتمادا على شهادة الشاهد العدل وإن كانوا غير حاضرين للوصية، جاء في التاج والإكليل للمواق: وقال ابن يونس من كتاب ابن سحنون وهو ملصق بقول مالك: إن قيل: كيف يحلف الوارث على ما لم يحضر ولم يعلم وهو لا يدري هل شهد له بحق أم لا؟ قال: يحلف مع الشاهد على خبره وتصديقه كما جاز له أن يأخذ ما شهد له به الشاهدان من مال أو غيره ولم يعلم ذلك ولا يختلف في هذا. اهـ من ابن يونس. انتهى.
وفي حال ثبوت الوصية فإنها تعتبر وصية لوارث ولا تمضي إلا إذا أجازها جميع الورثة، جاء في المغني لابن قدامة: وجملة ذلك أن الإنسان إذا وصى لوارثه بوصية، فلم يجزها سائر الورثة، لم تصح بغير خلاف بين العلماء. انتهى.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.