الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على حديث مرفوع يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه إنه الصادق الأمين، والذي لا شك فيه أنه - صلى الله عليه وسلم - كان متصفًا بكل الصفات الحميدة, ومتحليًا بكل الأخلاق الفاضلة, ومنها صفتا الصدق والأمانة.
وقد كان أهل مكة يلقبونه بهذه الصفات قبل البعثة؛ جاء في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم لما بدأ يجهر بدعوته سأل الناس: لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا بِالْوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ قَالُوا: نَعَمْ, مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلَّا صِدْقًا. وفي رواية: ما جربنا عليك كذبًا.
وفي قصة بناء الكعبة المذكورة في كتب السيرة والحديث أن قريشًا لما وصلوا إلى موضع الحجر الأسود، تنازعت القبائل أيّها يضعه موضعه، حتّى كادوا يقتتلون، ثمّ اتّفقوا على أن يحكّموا أوّل داخل عليهم، فكان صلى الله عليه وسلم هو أوّل داخل، فرضوا به جميعًا وقالوا: هذا محمّد، هذا الصّادق الأمين، رضينا به، فحكّموه ... وأصل قصة بناء الكعبة وحضور النبي صلى الله عليه وسلم لها في الصحيحين وغيرهما
وقال كعب بن زهير قبل إسلامه يخاطب أخاه بجيرا وكان مسلمًا:
سقاك بها المأمون كأسا رويّة ... فأنهلك المأمون منها وعلّكا
ويقصد بالمأمون: النبي صلى الله عليه وسلم لما كانوا يلقبونه الصادق الأمين.
وجاء في كتاب: السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة لأبي شهبة: وكان صلى الله عليه وسلم مثالًا كاملًا للأمانة وأداء الحقوق لأربابها، والصدق في الحديث، لم تحص عنه خيانة ولا كذبة قط، ولقد اشتهر بأمانته منذ صغره حتى لقب بالأمين، ولما بلغ هرقل ملك الروم كتاب النبي داعيًا له إلى الإسلام طلب ناسًا من قومه يسألهم عنه، فجيء له برهط فيهم: أبو سفيان بن حرب فكان مما قال له: (هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟) قال: لا، قال هرقل: (ما كان ليدع الكذب على الناس ويكذب على الله!!) ولما هاجر إلى المدينة ترك عليًا بمكة ليرد الودائع التي كانت عنده إلى أصحابها؛ لذلك كانوا يلقبونه الصادق وبالأمين. وانظر الفتوى: 61366.
والله أعلم.